17 05 2017

على الشركات العاملة في الخليج أن تُباشر بمجموعة مُعقَّدة من المهام حتى تكون على استعداد لتدشين ضريبة القيمة المُضافة في المنطقة العام القادم، وعليها في سبيل ذلك ألا تُقلِّل من هذه المهمة التي يتعين عليها خوضها، وفقًا لما حذَّر منه الخبير المالي الذي ساعد في تسهيل العمليات الإجرائية لفرض ضريبة السلع والخدمات في ماليزيا.

يُذكر أن الدول الست أعضاء مجلس التعاون الخليجي وافقتْ على فرض ضريبة القيمة المُضافة بنسبة 5 بالمئة اعتبارًا من عام 2018 لتحقيق تنوّع أفضل في مصادر إيراداتها وخفض الاعتماد على صادراتها النفطية إثر تدهور أسعار النفط منذ منتصف عام 2014.

وفي هذا الصدد، يقول السيد شيو ين موك، خبير الضرائب وشريك لدى شركة «بي دي أوه» للمراجعة والاستشارات القانونية: "يجب ألا يُستهان بضريبة القيمة المُضافة، لأنّ الأمر ليس بسيطا كما يبدو ولا ينبغي أن يمرّ مرور الكرام".

وقد عمل السيد شيو ين موك مع العديد من الشركات في ماليزيا خلال أنشطة الإعداد لفرض ضريبة بنسبة 6 بالمئة على السلع والخدمات، وهي ضريبة مماثلة لضريبة القيمة المُضافة، إذ أنها عبارة عن ضريبة تُفرَض على مجموعة كبيرة من السلع والخدمات.

وفي مقابلة مع موقع زاوية، ذكر السيد موك: "هناك حاجة إلى معرفة منهجية الكثير من الموضوعات فنيًا والإلمام بها، وإلا فقد تحدث بعض المشكلات عند تقديم إقرار ضريبي يتضمن معلومات خاطئة، والتي قد تجعلك عُرضة لأن تُفرض عليك جزاءات عقابية".

هذاوقد أظهرت استبيانات وتقارير ضريبية أخيرة عدم استعداد الجيد للشركات لهذه الضريبة، وأنهم غير راضين عن تطبيق ضريبة القيمة المُضافة في منطقة الخليج العربي، والتي كانت مُعفاة من مثل هذه الضرائب أو الضرائب المفروضة على دخول الأشخاص طيلة عقود من الزمان. وعلى كلٍ، ففي واقع الأمر، تم بالفعل فرض صورًا أخرى من الضرائب على العديد من السلع والخدمات، مثل الإقامات الفندقية والمشروبات الكحولية.

ويقول موك أنه يجب أن يكون في الشركات فريق أعمال خاصّ بتنفيذ الضرائب. وعادةً ما يترأس كبير الموظفين الماليين مجموعة العمل هذه، ويكون لديه صلاحيات على كافة الإدارات بالشركة، وليس الإدارة المالية فحسب. فعلى إدارات التسويق والموارد البشرية والمشتريات وغيرها من الإدارات الأخرى بالشركات تعديل أنظمتها الإجرائية حتى تكون متوافقة مع ضريبة القيمة المُضافة.

"على سبيل المثال، متى تعتبر (كشركة) أنّ عمليّة الإمداد قد تمّت؟إذا ما حصلت على النقد مُسبقًا، فهل تكون هذه الأموال قد خضعت مسبقًا لاستقطاعات ضريبية؟ هل هدايا الشركات تكون خاضعة للضرائب وكيف؟" يطرح السيد موك مثل هذه التساؤلات مُبرهنًا على ذلك بمجموعة أمثلة يتعيّن على الشركات الإجابة عنها قبل بدء تطبيق ضريبة القيمة المُضافة.

مُضيفًا أنه يُمكن أن تُفرض ضريبة القيمة المُضافة في دول الخليج، مثلما هو الحال في ضريبة السلع والخدمات في ماليزيا على الأشياء التي لا ترتبط بصورة مباشرة بالتمويلات، مثل الهدايا التي توزع كجزء من الحملات التسويقية للشركات أو الهدايا التي تُمنح لعائلات الموظفين أو الفعاليات الترفيهية التي تباشرها الشركات. وعلى الشركات في سبيل ذلك ضمان تقديم كافة الموردين الفواتير الضريبية السارية.

المنح المُقدَّمة للشركات الصغيرة والمتوسطة

وفي تعقيبه على ضريبة السلع والخدمات التي فرضتها ماليزيا، أشار السيد موك الذي قضى نحو عقدا من الزمان في تقديم الاستشارات لمختلف الشركات، ومنها شركات الإنشاءات والتطوير العقاري وشركات خدمات تقنية المعلومات والشركات العاملة في مجال التصنيع والتجارة، إلى أنّ الحكومة الماليزية قدَّمت مساعدات مالية لبعض الشركات الصغيرة والمتوسطة مُسبقًا قبل بدء فرض ضريبة السلع والخدمات لمساعدتهم في مراحل إعداد الأنظمة المُحاسبية لشركاتهم وتأهيلها لاستقبال النظام الضريبي الجديد.

"تحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الكثير من التوجيه والإرشاد؛ حيث ساعدتْ حكومة (ماليزيا) الكثير من هذه الشركات. وقد باشرتْ الحكومة الماليزية العديد من الجلسات التعليمية والتدريبية للشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك الشركات الأخرى للمساعدة في إعدادهم لهذه الضريبة."

ويحتل قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الخليجي. وتُشكِّل شريحة الشركات الصغيرة والمتوسطة نسبة 90 بالمئة من إجمالي الشركات في السعودية والكويت وسلطنة  عمان ، ونحو 95 بالمئة من الشركات في الإمارات، وذلك بحسب تقارير إعلامية إقليمية.

وعلى كلٍ، فربما يكون قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة هو الأكثر عُرضةً للانخفاض الاقتصادي والتدفقات النقدية قد تُصبح عُرضةً للمخاطر، مع كون المؤسسات المالية الحكومية قلقة بشأن إقراض هذا القطاع.

هذا وقد غادر العديد من أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة الإمارات في عقب انهيار سوق العقارات الذي ضربَ الإمارات خلال الفترة 2008-2010 وهو الأمر الذي يرجع إلى مخاوف التخلف عن سداد الديون، ما يُعد مُخالفة جنائية قد تؤدي بمرتكبيها إلى أحكام سجن لفترات زمنية طويلة.

يُذكر أن هذه المخاوف جميعها قد جعلت الأمر أكثر إلحاحًا أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة ليكونوا على استعداد لضمان عدم تأثر أنشطتهم التشغيلية سلبًا بهذه الضريبة.

ويذكر السيد موك، "تؤثر ضريبة القيمة المُضافة على التدفقات النقدية، لا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة التي لا تتمتّع بترف الانتظار حتى تحصل على بديل نقدي أو المطالبة باسترداد الضريبة على القيمة المُضافة".

على الحكومات أن تستعدْ لضريبة القيمة المُضافة

ينبغي على السلطات المعنيّة بالضرائب في دول الخليج أن تكون على استعداد للتغير المفاجئ في عدد الشركات التي تُسجِّل نفسها تحضيرًا لضريبة القيمة المُضافة؛ قال موك منوّهًا إلى أنّ ماليزيا شهدتْ قفزة في أعداد الشركات قبل فرض ضريبة السلع والخدمات.

"في أول الأمر، ظنَّ مسؤولو حكومة ماليزيا أنه سوف تقوم نحو 40,000 شركة بالتسجيل، غير أنّهم فوجئوا عندما تلقوا طلبات مُقدمة للتسجيل يصل عددها لنحو 250,000 حتى بلغ عدد الطلبات المُقدَّمة نحو 400,000 شركة مُسجَّلة.

هذا وقد كشفت الحكومة الماليزية عن تفاصيل ضريبة السلع والخدمات، وأنها باشرتْ العديد من الحملات التوعوية وورش العمل للشركات لتعريفهم بضريبة السلع والخدمات على مدار عام كامل قبل الشروع في فرض الضريبة، مما ساعد الحكومة على استقبال عدد أكبر من المتوقع للشركات المُسجّلة، بحسب ما ذكره السيد موك.

وقد نجحتْ ماليزيا في جمع ما يزيد على 30 مليار رينجت ماليزي (6.9 مليار دولار) في ديسمبر من عام 2015، أي بعد مُضي ثمانية أشهر من فرض ضريبة السلع والخدمات في شهر أبريل من ذلك العام، وذلك وفقًا لما نشرته مالاي ميل أونلاين.

وقد نوَّه السيد موك إلى أنّ هناك طلباتْ قدّمها العديد من رجال الأعمال ومحلّلو الضرائب يُطالبون فيها مسؤولي دول الخليج إعلان المزيد من التفاصيل عن التشريعات بشأن ضريبة القيمة المُضافة "في أسرع وقت مُمكن".

"وفي ماليزيا، كانتْ التفاصيل الخاصة بموضوع ضريبة السلع والخدمات مُعلنة قبل الشروع في فرضها بمدة عام كامل. وقد تأخرتْ دول الخليج كثيرًا في هذا الصدد".

ويبدو أن خُبراء الضرائب على ثقة من أن السعودية والإمارات ستشرعان في فرض ضريبة القيمة المُضافة اعتبارًا من يناير 2018 وفقًا لما هو مُخطَّط، حيث أنه يبدو من المُستبعد فرض هذه الضريبة في كافة دول الخليج في نفس الوقت.  

© Zawya 2017