18 09 2017

الرابطة تفتتح فعاليتها بنيويورك بمشاركة 450 عالما ومفكرا دينيا

أكدت المملكة أن للتواصل الحضاري بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة تاريخا ممتدا في التبادل والتعاون الإنساني والمعرفي والاقتصادي والسياسي، مشيرة إلى وجوب التعايش والتعاون وتعزيز السلم الاجتماعي والأمن الفكري ودحر الشر بل وهزيمته، مع ترسيخ مفاهيم البر والإحسان والعدل والحريات المشروعة مع الجميع دون تمييز ديني ولا مذهبي ولا عرقي ولا سياسي ولا فكري ولا غير ذلك.

جاء ذلك في افتتاح فعاليات مؤتمر رابطة العالم الإسلامي عن «التواصل الحضاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامي» المنعقد بمدينة نيويورك الأمريكية، بمشاركة الأمم المتحدة و450 عالما ومفكرا يمثلون 56 دولة وكبرى المؤسسات الفكرية والثقافية الإسلامية والأمريكية

وحضر الافتتاح أمين عام رابطة العالم الإسلامي، الشيخ د. محمد بن عبدالكريم العيسى، وباوا جاين الأمين العام للمجلس العالمي لقادة الأديان بالأمم المتحدة، ووليم فندلي الأمين العام لمجلس الأديان العالمي من أجل السلام، ود. ديفيد نصر نائب الرئيس للتنمية الروحية في جامعة ليبرتي، ود. محمد بن مطر الكعبي الأمين العام لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ود. عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، ود. يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ود. عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والشيخ عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وسفيرة الولايات المتحدة للأمم المتحدة للحريات الدينية سوزان كوك.

تاريخ ممتد

وأوضح د. محمد بن عبدالكريم العيسى في كلمته في حفل الافتتاح أن للتواصل الحضاري بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة تاريخا ممتدا في التبادل والتعاون الإنساني والمعرفي والاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى أن هذه العلاقة الحضارية المتميزة كشفت الخطأ الفادح لنظرية صدام الحضارات المبنية على إثارة نعرة الكراهية والعنصرية ونصب حواجز وهمية.

وبين د. العيسى أن قادة التطرف الإرهابي أكدوا أنهم يلتقون فكريا مع بعض أعدائهم وهم الممثلون للتطرف المضاد، يلتقون حول شيء واحد وهو قناعة وترويج كلٍّ منهم لهذه النظرية الداعية لصراع البشرية سواء لاعتبارات دينية أو مذهبية أو فكرية أو ثقافية، وأن هذه المجازفة الفكرية تنبع من رفض أصحابها من أن يكون على كوكبنا أكثر من رأي أو قناعة.

وتابع أمين عام الرابطة قائلا: «إن هذا الخلل في وظيفة الوعي والتفكير سبب للإنسانية مآسي عدة، وأن رابطة العالم تحمل فيما تضطلع به من مهمات رسالة إنسانية عالمية تدعو فيها للتواصل والتفاهم والتقارب لخدمة المصالح المتبادلة وخدمة الإنسانية جمعاء مع ترسيخ الوعي بأن الاختلاف والتنوع والتعددية سنة إلهية يجب أن نوظف لها الوعي والفكر الذي منحه الله لنا لنصل للصواب الذي نريده في أي مجال كان على أن لا نكره غيرنا على رأينا».

نجاح وتطوير

من جهته، عبر الأمين العام للمجلس العالمي لقادة الأديان بالأمم المتحدة ياوا جاين عن شكره لرابطة العالم الإسلامي والقائمين عليها لنجاحهم في عقد مثل هذا المؤتمر المهم، معربا عن إعجابه بالتطوير الذي شهدته الرابطة مؤخرا.

وأكد جاين على قدرة وحرص المملكة على مصلحة المسلمين في شتى بقاع الأرض.

ولفت جاين إلى أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة سيتجاوز الخمسين مليون نسمة في 2050، وأن على الجانبين مشاطرة مخاوفهم وقلقهم بين بعضهم بعضا؛ لتذليل كافة العوائق التي من شأنها عرقلة التنمية في العالم.

وتحدث جاين عن الفكرة الشائعة والخاطئة عن المسلمين في الولايات المتحدة باعتبارها أحد أكبر مهددات الاستقرار الاجتماعي، آملا تجسير هذه الهوّة عبر التواصل الشخصي بين الناس والتحدث بشكل مباشر مع الجميع.

من جانبه، أشاد الأمين العام لمجلس الأديان العالمي من أجل السلام وليم فندلي بعلاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي، وقال: «إنها تنبع من رغبة كِلا الجانبين في تقديم العون لكافة أفراد الأسرة البشرية»، مشددا على أهمية الدور الذي تقوم به المبادئ السامية باعتبارها قيمة مشتركة بين الأمتين الإسلامية والأمريكية، ومؤكدا على أن الحضارات العظيمة لا تنبع إلا من أديان عظيمة وأن هذا احد أكبر القواسم المشتركة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي.

سبل التعزيز

في المقابل استهل د. ديفيد نصر، نائب الرئيس للتنمية الروحية في جامعة ليبرتي، خطابه بإزجاء التحية للرابطة لتخصيص مؤتمر حول سُبل تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، مشيرا إلى أن تجربته الشخصية كونه مهاجرا إيرانيا جعلته يدرك أهمية الاندماج في المجتمعات الجديدة، وكشفت له سهولة تحقيق هذا الهدف طالما توفر الصدق من جهة الفرد والقبول من جهة المجتمع.

بدوره شدد د. محمد بن مطر الكعبي، رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الإمارات، على أهمية تبادل الآراء والخبرات حول التواصل الإيجابي والفعال بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي، ولفت أن البحث حول سبل تعزيز الحوار بين الأمتين مستمر على كافة المستويات، خاصة بعد القمة الأمريكية العربية الإسلامية التاريخية التي استضافتها الرياض.

من جهته لفت الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي د. يوسف بن أحمد العثيمين إلى أن إرساء ثقافة التعايش السلمي من شأنه خدمة الولايات المتحدة والعالم الإسلامي على حدٍ سواء، مؤكدا أن تعزيز الترابط بين الأمم يحميهم من الوقوع في براثن الكراهية والتمييز، ودعا إلى التصدي للإسلاموفوبيا والعنصرية وكراهية الأجانب من خلال اعتماد منهج شامل للحوار بين أمريكا والشعوب الإسلامية، مشددا على أهمية التركيز على العوامل المشتركة بين الأمتين للتأسيس لحوار مفيد للطرفين.

الأصل المشترك

وفي كلمته عبّر الشيخ د. عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، عن سعادته بالمشاركة في المؤتمر، مشيرا إلى أن الأصل الإنساني المشترك بين الناس يدعوهم إلى الابتعاد عن التفرقة فيما بينهم والركون للسلم والحوار.

وحول علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي، شدد الشيخ السديس على ضرورة تفعيل كافة القنوات الهادفة لإعمار الأرض ونشر الخير، وبالمقابل مواجهة دعاة التطرف والإرهاب من أصحاب الفكر المنحرف باتباع أساليب ذات أسس علمية، مؤكدا ريادة المملكة في مجال التواصل الحضاري، وداعيا لنشر هذه الثقافة في كافة البلدان لما يثمر عنها من تعزيز لقيم العدل والمساواة بين البشر.

بدوره نوّه الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، في كلمته بدور المملكة في تعزيز السلم بين الشعوب واحتضانها لمقر رابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة التي تجسد تاريخا عظيما، ليس للديانة الإسلامية فحسب وانما للعائلة الإبراهيمية الكبرى، مشددا على أن المملكة تحمل كل القيم الإنسانية والدينية وهي جديرة بقيادة العالم الإسلامي لمثل هذه اللقاءات والمؤتمرات.

© Alyaum newspaper 2017