23 07 2017

أكدت السعودية أنها تعمل حاليا على عدد من الاستراتيجيات لتعزيز الوصول إلى الاقتصاد المعرفي كرافد من روافد التنمية، حيث تم إنشاء عدد من الجامعات في الأعوام القليلة الماضية في الأقاليم كافة، وإنشاء عدد من المدن الاقتصادية والصناعية وحاضنات التقنية، كما وضعت المملكة رؤية استراتيجية تنموية "رؤية 2030" تُعد نقطة تحول للمملكة بهدف جعلها من أكبر الدول الاقتصادية عالميا في المجالات غير النفطية.

وقالت في ورقة من تسع صفحات إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية "ويبو" لدعم ترشيحها في استضافة مكتب خارجي للمنظمة من بين أربعة مكاتب جديدة محتملة في العام المقبل (السنة المالية 2018/ 2019) يتنافس عليها تسعة مرشحين، إن العمل جار الآن على إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية لضم جميع مجالات الملكية الفكرية بالمملكة تحت مظلة واحدة.

وذكرت أن الهيئة المقبلة ستتمتع بالاستقلال التام ماليا وإداريا، يتبعها وضع استراتيجية موحدة بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية "ويبو"، وهي خطوات تأتي متوافقة مع توجه المملكة في "برنامج التحول الوطني 2020".

وأشارت الورقة إلى أن السعودية تعمل حاليا على تعديل وتطوير الأنظمة، والسياسات، والتشريعات لدعم مشاريع الابتكار والإبداع في المملكة، مشيرة إلى انتهائها من إنشاء هيئة متخصصة لخدمة بيئة تنمية الابتكار وهي الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإدارة عامة للعلامات التجارية.

وقالت إنها من ضمن الدول التي لم تخضع لأية قوائم أو قيود سلبية دولية في مجال التقيد باحترام حقوق الملكية الفكرية، فعلى سبيل المثال، المملكة ليست ضمن الدول التي تخضع للمراقبة وفقاً للقائمة السلبية الأمريكية (301)، علاوة على هذا أنها احتلت المركز الثاني للعامين الأخيرين على التوالي في عملية الإنفاذ على الحدود في ضبط السلع المزيفة والمغشوشة، وفقا لما أكدته منظمة الجمارك العالمية.

وذكرت الورقة أن المملكة تعمل حاليا على إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية ضمن "برنامج التحول الوطني 2020" بهدف تعزيز دور المملكة في حماية حقوق الملكية الفكرية، وتطوير التشريعات الخاصة بها، وتمكين المستفيدين من تسجيل حقوقهم وحفظها وإتاحة حق التقاضي في حال انتهاك الحقوق، علاوة إلى قيامها بدور التوعية والتحفيز في الابتكار والإبداع بإحداث البرامج النوعية في مجالات الملكية الفكرية، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة، والمستفيدة من حماية حقوق الملكية الفكرية في مسائل البحث العلمي، كالهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والهيئة العامة للاستثمار، والجامعات.

وأضافت أنه في عام 2016 حصلت المملكة على الترتيب 49 عالميا في احترام حقوق الملكية الفكرية، والثاني على مستوى الدول العربية، والرابع على مستوى العالم الإسلامي بعد ماليزيا، والإمارات، وتركيا، وتقدمت في الترتيب على دول متقدمة مثل البرازيل والهند، حيث كانت المملكة تمثل الترتيب 54 في عام 2011، وتحسن تدريجيا في الأعوام 2012 و2013 حتى حققت الترتيب 38 في عام 2014، وتراجعت للترتيب 43 في العام الماضي، كما حققت الترتيب الخامس على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وفيما يخص مؤشر جذور الابتكار في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، الذي يعتمد على ركائز براءات الاختراع، والعلامات التجارية، وحقوق التأليف والنشر، والأسرار التجارية، والوصول إلى الأسواق والتصديق على المعاهدات الدولية، أشارت الورقة إلى أن السعودية حصلت على الترتيب الأول على مستوى العالم العربي في عام 2017، وعلى الترتيب 21 على المستوى العالمي.

وعن مواطن القوة التي تتمتع بها السعودية في مجال حقوق الملكية الفكرية، أكدت الورقة وجود براءات مُحكمة تتيح إيداع وتجديد البراءات والعلامة التجارية عبر الإنترنت، وإيداع البراءات الخاصة بالمستحضرات الصيدلانية عن طريق نظام الرابط في إطار آلية 2013، والعمل على ربط جميع خدمات الإدارة إلكترونيا، وصلاحية الجمارك في مصادرة السلع المُقلَّدة المُشتبه في انتهاكها لعلامة تجارية.

أما عن النقطة الأهم المتعلقة بالنظام القضائي الذي يتولى الفصل في منازعات الملكية الفكرية، أوضحت الورقة أن ديوان المظالم هو الجهة القضائية المسند إليه النظر في تظلمات الأفراد على القرارات الإدارية والفصل في منازعات الملكية الفكرية من ناحيته التجارية والجزائية. وأشارت الورقة إلى أنه ابتداء من العام الماضي تم سلخ القضاء الجزائي إلى القضاء العام.

وفيما يخص القضاء التجاري، أوضحت الورقة أن ديوان المظالم لا يزال صاحب الاختصاص في النظر والفصل بها إلى أن يتم إنشاء دوائر تجارية في القضاء العام، وعلى ذلك، أحدث الديوان مدونة قضائية تحمل جميع القضايا التي تم الفصل فيها في مجال حقوق الملكية الفكرية بشقيها التجاري والجزائي وأيضاً الإداري في حال كانت الدعوى مُقامة على جهة حكومية لرفضها تسجيل عمل ملكية فكرية أو شطبها لحق من سجلاتها وغيرها من الدعاوى الإدارية.

وحول إنفاذ حقوق الملكية الفكرية، فقد فصَّلت الورقة الشوط الذي قطعته السعودية في الحفاظ على هذه الحقوق بإنشائها اللجنة الدائمة لحقوق الملكية الفكرية، علاوة على عدد من الإدارات والوحدات لتطبيق الأنظمة، والمراقبة، والتفتيش، والضبط، في جميع قضايا الملكية الفكرية، وجهَّزت الكوادر القضائية المناسبة في شأن النزاعات والفصل فيها، وتقديم خدمة التظلم والطعن.

وعن تطبيق نظام حقوق المؤلف، قالت الورقة إن وزارة الثقافة والإعلام تمثل جانبا حقوقيا مهما من مجالات الملكية الفكرية إذ تحتوي على الإدارة العامة لحقوق المؤلف، وأنها أنشأت إدارات متخصصة لحماية المصنفات الأدبية، والمصنفات الفنية، ومصنفات الحاسب، والرقابة والتفتيش وغيرها.

وذكرت أن إدارة حقوق المؤلف نفذت حملات تفتيشية على كل الشركات التجارية التي تعتمد على برامج الحاسب الآلي للتأكد من استخدامها البرامج الأصلية، وتمت مخالفة الشركات غير الملتزمة، وإلزامها بتصحيح أوضاعها في استخدام البرامج الأصلية.

وأوضحت الورقة أن نشاطات التفتيش أسفرت عن ضبط عدد كبير من الأوكار في مختلف مدن المملكة استخدمت لنسخ وتزوير المصنفات الفكرية بجميع أشكالها، كبرامج الحاسب الآلي، والأفلام، والمواد السمعية، وكسر تشفير القنوات الفضائية وغيرها من الانتهاكات الحقوقية.

وأضافت أن الإدارة عمدت إلى تسريع إجراءات النظر في المخالفات، وإنشاء لجنتين في الرياض وجدة بحيث لا تزيد مدة النظر في المخالفات التي تُعرض عليها عن شهرين من تاريخ ضبطها.

ولفتت إلى أن إدارة حقوق المؤلف رفعت قيمة العقوبات بشكل تصاعدي سنويا لافتراض أن الوعي تجاه مراعاة حقوق الآخرين قد أصبح من أساسيات الممارسات التجارية، كما قامت بتفعيل العقوبات الرادعة من خلال الرفع إلى ديوان المظالم للعقوبات التي تزيد قيمتها عن 100 ألف ريال أو عقوبة الحبس، وتستلزم الأخيرة تأييدا من الديوان.

وقالت الورقة إن هناك موقعا إلكترونيا لإدارة حقوق المؤلف يتم فيه إدراج شكاوى أصحاب الحقوق يتمكنون عبره من تتبع سير الإجراء المتخذ بصدد شكواهم، وما يصدر بحق المعتدين من عقوبات.

وأشارت الورقة إلى بدء العمل بقانون العلامات التجارية الخليجي منذ العام الماضي، وزيادة الكوادر الإدارية في هذا الميدان.

وقالت إن المكتب الخارجي للـ"ويبو" سيسهم في تحقيق هذه الرؤية عبر تعزيز قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحسين البيئة التعليمية المُحفِّزة للإبداع والابتكار،
والمساعدة على تأسيس شركات تقنية ناشئة ذات قيمة مُضافة، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتعزيز أهمية الملكية الفكرية وآلية الاستفادة منها.

وأوضحت الورقة أن السعودية تتمتع بثقل اقتصادي وسياسي عالمي، حيث تُعد من أبرز الأعضاء في معظم المنظمات الدولية، وهي عضو في مجموعة العشرين، وهي دولة المقر لمجلس التعاون الخليجي الذي يضم مكتب لبراءات الاختراع، وهو مكتب إقليمي يخدم دول المجس الست، وهي أيضاً دولة المقر لرابطة العالم الإسلامي، ومنظمة التعاون الإسلامي.

وخلال انعقاد لجنة الـ"ويبو" للبرامج والميزانية في مقرها بجنيف قبل أيام قليلة، قدَّمت بعض الدول المُرشَّحة عروضاً أبرزت أهم مزاياها في استضافة أحد المكاتب، مثل الموقع الاستراتيجي، والمنطقة، والتكتلات الاقتصادية. لكن المناقشات لا يمكن أن تؤدي إلى اختيار الفائزين هذا الشهر.

ولدى "ويبو" حاليا خمسة مكاتب خارجية هي: ريو دي جانيرو، وبكين، وطوكيو، وموسكو، وسنغافورة. ولم تسمح المناقشات التي جرت خلال الدورة 26 للجنة البرامج والميزانية إحراز تقدم في القرار الذي ينبغي أن تفتتح بموجبه مكاتب خارجية جديدة في السنتين المقبلتين. ومن المتوقع الآن متابعة هذا القرار في الدورة المقبلة للجنة من 11-15 أيلول (سبتمبر) المقبل.

وبعد مفاوضات مكثفة، توصلت الجمعية العامة للـ"ويبو" في تشرين أول (أكتوبر) الماضي إلى قرار بشأن بعض المكاتب. وفي ذلك الوقت، قبلت ترشيحي الجزائر ونيجيريا، اللتين عينتهما المجموعة الإفريقية.

وفي 2015، وافقت الجمعية العامة على فتح عدد من المكاتب الخارجية في فترتي السنتين (2016/ 2017 و 2018/ 2019)، وعلى مجموعة من "المبادئ التوجيهية" لمساعدة الدول الأعضاء على اتخاذ قرار لتحديد أي مكتب خارجي سيفتتح. وقررت الجمعية العامة لعام 2015 عدم فتح أكثر من ثلاثة مكاتب خارجية خلال فترة سنتين.

وهكذا بقي مكتب واحد لفترة السنتين 2016/ 2017، وثلاثة مكاتب لفترة السنتين 2018/ 2019.

وأشارت وثيقة سابقة إلى مكتبين في إفريقيا وواحد في أمريكا اللاتينية، لكن الإشارة إلى أمريكا اللاتينية اختفت فيما بعد.

وتم الطلب من الجمعية العامة لعام 2017 (2-11 تشرين الأول/أكتوبر) التوصل إلى اتفاق بشأن مكتب واحد يفتتح في فتره السنتين 2016/ 2017، وثلاثة في فترة السنتين 2018/ 2019.

ولما حلَّ الموعد النهائي المحدد في 28 آذار (مارس) 2017، قدَّم تسعة مرشحين مقترحات لاستضافة مكتب في فترة السنتين 2018/ 2019: أذربيجان، والهند، وعمان، وكوريا الجنوبية، ورومانيا، والسعودية، وتركيا، والإمارات.

وقبل حلول الموعد النهائي لمكاتب 2016، قدم 18 بلدا مقترحات لاستضافة المكاتب: أذربيجان، إكوادور، بنما، تركيا، تونس، الجزائر، رومانيا، السلفادور، شيلي، كولومبيا، كينيا، مصر، المغرب، المكسيك، نيجيريا، الهند.

وعلى غرار المجموعة الإفريقية التي وافقت في العام الماضي على دعم الجزائر ونيجيريا بوصفهما مرشحين للقارة الإفريقية، حددت مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي كولومبيا كمرشح واحد لها في 2016، وكررت هذا الاختيار الأسبوع الماضي. وقررت الجمعية العامة للـ"ويبو" منح كل من البلدين الإفريقيين مكتبا خارجيا للمنظمة، لكنها لم تتمكن من الاتفاق على مرشح ثالث.

ولم يقدم أي عضو من أعضاء مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي أو المجموعة الإفريقية اقتراحا لفترة السنتين 2018/ 2019.

وفي 13 تموز (يوليو)، قدم عدد من البلدان المرشحة موجزا لاقتراحها باستضافة المكتب الإقليمي، سواء للسنة 2016/ 2017 أو 2018/ 2019. وقالت كولومبيا، على سبيل المثال، إن أياً من الدول الناطقة بالإسبانية يستضيف حاليا مكتبا خارجيا للويبو. وقال المندوب الكولومبي إن كولومبيا تتمتع بموقع مركزي في الأمريكتين، وأصبحت مقصدا جذابا للاستثمار الأجنبي، وهي زعيم إقليمي للملكية الفكرية.

© الاقتصادية 2017