19 11 2017

وعود الإصلاح الضريبي عززت الاقتصاد الأميركي

اكد الموجز الاقتصادي لبنك الكويت الوطني انه مع استمرار تحسن آفاق النمو العالمي، واصلت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة تطبيع سياساتها على الرغم من استمرار التضخم في تسجيل مستويات دون المستهدفة. وقد بدأ النشاط الاقتصادي أكثر قوة خلال الأشهر الأخيرة في معظم الاقتصادات الكبرى، لاسيما في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. ففي الولايات المتحدة، ساعدت وعود الإصلاح الضريبي التي تقدم به الحزب الجمهوري في تعزيز النمو. وقد نتج عن ذلك مواصلة الأسهم ارتفاعاتها لمستويات قياسية جديدة. إلا أنه مع هذا النمو القوي، لم يتمكن التضخم من تسجيل أي زخم إضافي في الأشهر الأخيرة. ورغم ذلك، لم تغير البنوك المركزية من توجهها نحو تطبيع سياساتها النقدية.

كما تبدو الظروف الاقتصادية في الولايات المتحدة قوية بصفة عامة، مع توافر مؤشرات تؤيد تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من عام 2017. وقد كان نمو الناتج المحلي الإجمالي قويا في الربع الثالث من عام 2017، بمعدل سنوي بلغت نسبته 3 في المئة إذ ارتفع إلى نسبة 2.3 في المئة على أساس سنوي. وتشير توقعات الحالية للبنك الاحتياط الفيدرالي في اتلانتا إلى بلوغ مستوى النمو إلى معدل سنوي يبلغ 4.5 في المئة في الربع الرابع من عام 2017، مما قد يرفع النمو إلى نسبة 3 في المئة تقريباً خلال العام بالكامل 2017. واتسمت عدد من المؤشرات الرائدة بقوة الأداء بصفة خاصة، بما في ذلك طلبات السلع الرأسمالية والمؤشر الصناعي لمعهد إدارة الموارد الأميركي. الأمر الذي يدل على تزايد التفاؤل وارتفاع الاستثمار. كما واصل سوق العمل تعافيه. وأظهر تقرير التوظيف الأخير توفير 261 ألف وظيفة جديدة في أكتوبر وتراجعت معدلات البطالة إلى 4.1 في المئة وهو أدنى مستوى لها على مدى 17 عاما.

ويأتي انتعاش الاقتصاد الأميركي على خلفية إمكانية التحفيز المالي الناتج عن خطط الإصلاح الضريبي للرئيس دونالد ترامب. ومنذ انتخاب الرئيس ترامب العام الماضي، انتابت الأسواق حماسة شديدة بشأن بعض مقترحاته الاقتصادية. وبينما سادت بعض المخاوف من عدم تحقيق ترامب أية تشريعات جديدة تذكر، إلا أن اللهجة قد تغيرت في الأسابيع الأخيرة وخاصة فيما يتعلق بالإصلاح الضريبي. وبطبيعة الحال، تتوقع الأسواق أن يقدم الاقتراح تحفيزاً ماليا جيدا للاقتصاد، بالإضافة إلى أنه قد يحسن بيئة الأعمال للشركات على المدى الطويل. وفي واقع الأمر، كشف المشرعون مؤخرا عن خطة ضريبية شاملة، والتي قد يقوم ترامب باعتمادها خلال العام الحالي أو مطلع العام المقبل.

وعلى الرغم من قوة النشاط الاقتصادي، فقد فشل التضخم في اكتساب أي قوى دافعة. كما جاء نمو الأجور في أكتوبر مخيبا للآمال. حيث تراجع نمو أجور الموظفين إلى 2.3 في المئة على أساس سنوي في أكتوبر بعد أن شهد معدلات أقوى خلال الشهرين السابقين. كما جاء معدل التضخم الأساسي دون التوقعات في شهر سبتمبر. وارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة تغير شهرية بلغت 0.1 في المئة فقط، على الرغم من أن الوتيرة السنوية كانت ثابتة عند مستوى 1.7 في المئة على أساس سنوي. وكان التضخم في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو من أهم المؤشرات التي يحرص مجلس الاحتياط الفيدرالي على متابعتها، ضعيفاً أيضاً في سبتمبر.

وقد ألمح الاحتياط الفيدرالي إلى أنه من غير المرجح أن يؤدي ضعف التضخم إلى عرقلة تطبيع السياسة النقدية. وفي بداية الأمر، خشى المحللون من أن انخفاض التضخم قد يمنع الاحتياط الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة في ديسمبر. إلا أن الأسواق أصبحت الآن على يقين من ارتفاع أسعار الفائدة في ديسمبر. وفي حين أن هذا التغيير يعزى جزئياً للعلامات الواضحة الدالة على قوة النمو، إلا أن الاحتياط الفيدرالي قد أوضح أيضاً أنه لن يتأثر بضعف بيانات الأسعار. وفي الوقت الذي ازداد فيه يقين السوق بشأن رفع أسعار الفائدة في ديسمبر، إلا أن اغلبية الآراء تدور حول تراوح عدد مرات رفع الفائدة من مرتين إلى ثلاث خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، مما يعني رفع الفائدة بواقع مرة أو مرتين فقط في عام 2018. ويعد هذا الأمر أقل تفاؤلاً من متوسط توقعات الاحتياط الفدرالي برفع الفائدة ثلاث مرات بواقع 25 نقطة مئوية في عام 2018.
 
وفي ذات الوقت، فإن اختيار البيت الأبيض لجيروم باول لقيادة مجلس الاحتياط الفيدرالي ابتداء من فبراير 2018، يعد بمثابة تأكيد للمحللين أنه من المرجح عدم إجراء أي تغييرات في نهج السياسة النقدية بعد انتهاء فترة ولاية رئيسة مجلس الاحتياط الفيدرالي الحالية جانيت يلين.

من جانب آخر، واصل النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو أدائه الجيد على الرغم من تباطؤ معدلات التضخم هناك أيضاً. حيث كان ارتفاع الأرقام الاقتصادية مفاجئاً بصفة عامة. كذلك أستقر أداء كل من الإنتاج الصناعي ومؤشر مديري المشتريات ونمو الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر الأخيرة. وبالفعل قام صندوق النقد الدولي، مرة أخرى، برفع توقعات الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في سبتمبر الماضي. إلا أنه على الرغم من ذلك، وكما هو الحال في الولايات المتحدة، ظل التضخم ضعيفاً نسبياً، وبلغ معدل التضخم الأساس 0.9 في المئة في شهر أكتوبر على أساس سنوي، أي أدنى بكثير من نسبة 2 في المئة المستهدفة، مع تضاؤل الإشارات الدالة على الزخم.

دعم أسعار النفط
لم يشهد الاقتصاد العالمي حالاً أفضل مما هو عليه اليوم منذ أمد بعيد، وقد عمل ذلك على دعم أسعار النفط. حيث ارتفع سعر مزيج خام برنت إلى 60 دولار للبرميل في أكتوبر، فيما يعد أعلى بنسبة 50 % مقارنة بأدنى مستوياته المسجلة في يونيو 2017. كما تعززت أسعار النفط أيضا بسبب المباحثات الأخيرة حول تمديد اتفاقية خفض الإنتاج من جانب منظمة أوبك وبعض الدول غير الأعضاء في المنظمة، ويأتي ذلك تزامناً مع بعض التطورات الأخيرة في منطقة الخليج. ومع ذلك، فإن انتعاش أسعار النفط سيكون محدودا بسبب مرونة إنتاج النفط الصخري الأميركي، كما أنه من غير المحتمل أن ترتفع الأسعار كثيراً عن المستويات الحالية على المديين القريب إلى المتوسط.
تخفيض برنامج التيسير الكمي في اليورو .

اشار الوطني الى انه على الرغم من انخفاض معدلات التضخم، إلا أن قوة الاقتصاد قد دفعت البنك المركزي الأوروبي نحو اتخاذ خطوات لتخفيض برنامج التيسير الكمي. حيث أعلن البنك المركزي الأوروبي عن عزمه خفض حجم برنامج شراء الأصول ابتداء من يناير 2018 حتى سبتمبر 2018 عل الأقل. حيث سيقوم الآن بشراء سندات بحوالي 30 مليار يورو شهريا، مقابل 60 مليار يورو الآن. ويشير هذا التحرك، الذي كان متوقعا أن يكون على نطاق واسع، إلى ثقة البنك المركزي الأوروبي في الانتعاش الاقتصادي، ولكنه يشير أيضا إلى أن إنهاء برنامج التيسير الكمي سوف يتم تدريجياً، خاصة في ضوء ضعف التضخم.

تعافي الأسواق الناشئة
قال التقرير ان الأسواق الناشئة لا تزال تسير على خطى التعافي مع تحسن وتيرة النمو لبعض الاقتصادات الرئيسية. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتحسن نمو الاقتصادات الناشئة والنامية بنسبة 4.6-4.9 في المئة في عامي 2017 و2018. وفي معظم المناطق، بما في ذلك الصين، والتي ظلت التوقعات لها ثابتة. وقد كان تصاعد النمو الصيني مفاجئاً إلى حد ما، مع توقعات صندوق النقد الدولي أن يبلغ 6.8 في المئة في عام 2017، وذلك على الرغم من استمرار استقرار الاتجاهات في الصين مستقبلياً. وفي ذات الوقت، اتسم النمو في بعض الاسواق، بما في ذلك البرازيل وروسيا وأوروبا النامية، بمرونة أعلى مما كان متوقعا في السابق.

© Annahar 2017