21 09 2017

تعاني الكثير من شركات القطاع العام، الانتاجية أوالخدمية، من خسائر مالية سنوياً بسبب عدم توازن إيراداتها مع مصروفاتها والناتجة عن توقف انتاجيتها جزئياً او كلياً مع توظيفها لأعداد كبيرة من الايدي العاملة التي قد لا تتم الافادة من انتاجيتهم إلا بشكل محدود جداً؛ ويعود السبب في توقف هذه الشركات عن الإنتاج او محدودية انتاجها الى العديد من الأسباب منها إدارية او تنظيمية او اقتصادية او غيرها من الأسباب، الامر الذي انعكس بالسلب على كاهل الموازنة العامة في البلد بسبب تحملها لنفقات باهظة جداً من رواتب أعداد كبيرة من منتسبيها الذين يقدمون في احسن الأحوال إنتاجية محدودة للغاية لا تتلاءم وحجم المصروفات الكبيرة التي يتم تخصيصها لهذه الشركات والعاملين فيها.

وفي الوقت الذي تعاني منه الكثير من شركات القطاع العام من هذه المشكلات المزمنة إلا انها تملك الكثير من الكفاءات الهندسية والفنية التي يمكن الافادة منها بشكل كبير جداً اذا ما أُحسن توظيفها وتوجيهها وادارتها، اذ يمكن لها ان تغير من واقع إنتاجية هذه الشركات بصورة افضل وبما يحقق النجاح لهذه الشركات وينقلها من حالة الفشل الذي تعاني منه الى النجاح الذي يضمن لها الاستمرارية والربحية في الأسواق التجارية.

بعض هذه الشركات تحتاج الى الحد من الأعباء التي تعاني منها مثل الافراط في التوظيف سواء بحاجة فعلية او من غير ذلك ما تسبب في تكدس اعداد هائلة من عمالة لا فائدة حقيقية من وجودهم او استعمال تكنولوجيا إنتاجية متقادمة لا تصلح في الوقت الحالي لتقديم إنتاجية بصورة عصرية تواكب التطورات التقنية الحاصلة في الدول المتقدمة او انها تعاني من آفة البيروقراطية التي تعوق الكثير من تطورها واداءها الإنتاجي بالشكل المرجو منها، او ان نوعية المنتج الذي تقدمه لا يصلح ان يلبي احتياجات المستهلكين بالدرجة نفسها التي تلبيها السلع المستوردة الأجنبية لتدني نوعية هذا المنتج وعدم قدرتها على المنافسة او لإخفاق إدارات هذه الشركات في عملية تسويق المنتجات التي تعمل على انتاجها للأسواق التجارية لعدم كفاءة هذه الادارات بالصورة المطلوبة، ما ينعكس سلباً على اقتصاديات هذه الشركات ويجعلها تتكبد خسائر مالية مستمرة تضطر بسببها الحكومة الى تحمل هذه الأعباء عن طريق تمويلها من بنود الموازنة من دون تحقيق أية مكاسب اقتصادية في المقابل، سواء في الأفق المنظور او البعيد، وذلك للمشكلات الكثيرة التي تعاني منها هذه الشركات وبالشكل الذي يحول دون تحقيقها لنتائج اقتصادية إيجابية، ما يجعل منها عبئاً على الموازنة العامة بفعل الانفاق المستمر لتمويلها؛ ما يدعو الى وجوب اتخاذ إجراءات حاسمة من اجل معالجة هذه الحالة التي تتسبب بخسائر مالية كبيرة ومتتالية للموازنات العامة.

وتعد خصخصة الشركات المتلكئة، التي تتعرض لخسائر مالية متتالية، واحدة من ابرز الحلول حيث يمكن الافادة من التجارب الناجحة لبعض الدول التي لجأت الى هذا الحل، إلا ان ذلك يجب ان يستند الى دراسة علمية اقتصادية واجتماعية تراعي الجوانب كافة لواقع الشركة التي يُراد خصخصتها ومنها الاجتماعية فيما يخص العمالة في هذه الشركة حول آلية تعويضهم في حالة تم الاستغناء عن خدماتهم. 

كما يمكن العمل على وضع ستراتيجية واضحة لخصخصة شركات القطاع العام التي تشكل عبئاً على موازنة الدولة وان يتم تحديد قيمها المالية بصورة دقيقة حتى لا تتعرض مالية الدولة الى خسائر في حالة بيعها للقطاع الخاص بأقل من قيمتها الحقيقية وان يصار الى تسوية أوضاع العاملين في الشركة بالتراضي سواء بتعويضهم بأن تتم احالتهم على التقاعد ممن يتم الاستغناء عن خدماتهم في حالة تولي إدارة القطاع الخاص لملكية الشركة او تعويضهم مالياً.

إن خصخصة شركات القطاع العام المتلكئة بصورة دائمة تعد احد الحلول لأزماتها ويمكن في الوقت نفسه ان تشكل خصخصتها مورداً مالياً يعود بالنفع على الدولة، كما ان تحولها الى شركة اقتصادية ناجحة في حالة ادارتها إدارة جيدة من قبل الجهة التي ستمتلكها يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني عن طريق تحريك عجلة الاقتصاد بالمنتجات او الخدمات التي ستقدمها للأسواق المحلية. إلا إن عملية الخصخصة يجب ان تكون ضمن خطة واضحة وعادلة تأخذ بالحسابات حقوق الدولة وعدم التفريط بها، فضلاً عن عدم التفريط بحقوق العاملين بهذه الشركات من ناحية تعويضهم تعويضاً عادلاً إذا ما تم الاستغناء عن خدماتهم .

© Al Sabaah 2017