11 09 2017

وصف مختصون في قطاع الهندسة والاستشارات، السماح بدخول الشركات الهندسية الأجنبية في السوق السعودية بنسبة تملك 100 في المائة بالقرار الجيد، حيث يسهم في رفع مستوى المنافسة مع المكاتب المحلية، مطالبين في الوقت نفسه بتسريع الجهود التي تسمح بتحرير المكاتب الهندسية والمهنية من القيود التي تحد من قدرتها على النمو والتطور، فضلا عن ضبط عمل الشركات الأجنبية بشروط واضحة ومحددة حول توطين الصناعة ونقل الخبرة إلى المملكة.

وقالت لـ "الاقتصادية" المهندسة ايلا الشدوي رئيسة لجنة المهندسات في هيئة المهندسين، "إن البيئة عشوائية وغير محفزة فيما يخص المكاتب الهندسية السعودية، كما أن هناك بيروقراطية وقرارات متأخرة لا تحفز على العمل، وبالتالي واقع الشركات والمكاتب المحلية ليس بالجيد، وبالتالي دخول الشركات الأجنبية حل جيد من أجل إعادة النظر في تطوير المكاتب المحلية ورفع جودتها"، موضحة أن الفائدة من هذه الشركات لن تكون بالمستوى المأمول ما لم تكن هناك ضوابط واشتراطات لكيفية عملها والاستفادة منها.

وفيما يتعلق بعدم فتح مكتب هندسي خاص بها أجابت الشدوي، "لماذا علي أن أحيي شيئا سيموت"، مشيرة إلى نظام المكاتب الذي ينقضي ويحل بموت صاحبه.

وأضافت الشدوي، "هناك شروط مختلفة عن الأنظمة العالمية تطبق على المكاتب السعودية فقط، وتقتل الرغبة في الاستثمار فيها، ورفع احترافيتها"، مبينة أن الشركات والمكاتب الأجنبية كانت قبل القرار تعمل بكل حرية ودون رقابة أو شروط من قبل هيئة المهندسين بشكل استثنائي، وبعد القرار ستدخل ضمن منظومة المكاتب المرخصة محليا بشروط وضوابط.

إلى ذلك، كتب بعض المختصين على "تويتر" بشأن قرار السماح للشركات الهندسية والاستشارية بالعمل في المملكة بنسبة تملك 100 في المائة، حيث غرد سعد الدوسري أحد المهتمين بهذا المجال، قائلا "قرار السماح بدخول الشركات الهندسية والمستثمرين الأجانب، يجب أن تحرسه هيئة قادرة على حماية الشركات والمستثمرين السعوديين".

وأضاف منصور العيباني في تغريدة، "لدينا مشاريع حالية وسابقة تم تنفيذها من قبل شركات هندسية أجنبية، في مجالات الطاقة، والتحلية، والإنشاءات ولم نشهد نقلا للمعرفة". 

فيما يرى المهندس خالد العثمان رئيس لجنة المكاتب الاستشارية في غرفة الرياض، أن المنافسة هي المفتاح في كل القطاعات، مطالبا بالاستفادة من الخبرات الأجنبية في منظومة التنمية وتوطينها، كما يجب تسريع الجهود التي تسمح بتحرير المكاتب الهندسية والمهنية من القيود التي تحد من قدرتها على النمو والتطور، حتى تصبح المنافسة عادلة. 

وأشار العثمان، إلى أن الشركات الأجنبية لديها قدرات عالية من مصارفها التجارية، وتسهيلات تمويلية، إضافة إلى موارد بشرية كبيرة، ودعم لوجتسي من دولها، سيضع معالجة الإجراءات والواقع التشريعي والتمويلي للمكاتب المحلية أولوية، لتساعدها على النمو لموقع المنافسة مع هذه الكيانات العالمية. 

وتساءل عن وجود مكتب محلي بخبرات مماثلة، مشيرا إلى موت المكاتب المحلية بموت صاحبها، مشددا على ضرورة مواكبة الأنظمة العالمية. 

وأفاد، بأن مصر اليوم لديها مكاتب تعد من أفضل 100 مكتب حول العالم، لأن النظام يسمح لها بالاستدامة، والاستدامة تأتي بالخبرة، مؤكدا أنه ليس ضد دخول الشركات الأجنبية، لكن بضوابط، مع عدالة المنافسة.

وأشار إلى أن المكاتب الاستشارية الأجنبية لا تأتي بأموال أو استثمارات رأسمالية للمملكة، بل تأتي بالمعرفة، مؤكدا ضرورة توطين المعرفة وإلا فستكون الفائدة "صفر" من هذا الاستثمار.

وطالب العثمان، بوجود المهندسين السعوديين في هذه الشركات العالمية حتى يتدرجوا إلى المناصب القيادية، مشددا على إنجاز الإعمال داخل المملكة وليس في الخارج، ما يضمن للمهندس السعودي التعلم، وبالتالي ضمان الحصول على المعرفة والخبرة الكافية. 

من جانبه، وصف المهندس حمد الشقاوي رئيس هيئة المهندسين السابق، السماح بدخول الشركات الهندسية بتملك 100 في المائة بالقرار "الممتاز جدا"، مبينا أن ما يميز الشركات الأجنبية، تصاميمها ومشاريعها العملاقة التي تعجز عنها المكاتب المحلية، ومع ذلك يجب ألا تستأثر هذه الشركات بالمعرفة وحدها، مطالبا بوجود شريك بنسبة لا تقل عن 25 في المائة.

وأوضح الشقاوي، أنه وفقا للإحصاءات العالمية، يجب أن يكون في السعودية 320 ألف مهندس، مقابل 200 ألف مهندس حاليا، منهم 35 ألف سعودي، مؤكدا أن الفجوة كبيرة، وتحتاج إلى سنوات لتقليلها، مشددا على تمكين المهندسين السعوديين، الذي يشكلون ندرة، والدفع بهم ليتسلموا قيادة هذه الشركات بالمنافسة، والتطور، والنمو، وهذا جزء مهم من "رؤية 2030"، وذلك بدعم المحتوى المحلي، وتطوير الموارد البشرية، وزيادة فرص المكاتب المحلية.

وقال الشقاوي، "إن هيئة المهندسين كانت تعمل بالشراكة مع وزارة التجارة والهيئة العامة للاستثمار، منذ فترة طويلة على فتح المجال للشركات الأجنبية والاستفادة منها وفق ضوابط محددة، تسمح للشركات والمكاتب المحلية بالنمو والتطور ونقل الخبرات". 

وأضاف، "إنه تم الاتفاق على عدة اشتراطات في هذا الصدد، منها ألا تقل خبرة الشركات عن 20 سنة، وأن يكون هناك حجم الأعمال بقيمة 300 مليون دولار لآخر عشر سنوات، وأن تكون نسبة التوطين 70 في المائة خلال ثماني سنوات، ولا تقل نسبة الإدارات العليا عن 30 في المائة".

واعتبر الشقاوي، القرار إيجابيا، لكن يجب أن توضع لائحة تنفيذية ملحقة لتنظم عمل الشركات، ولضمان المنافسة العادلة مع المكاتب المحلية، إذا ما أرادت الجهات المعنية النهوض بهذه الصناعة وتوطينها، مطالبا بأن يعطى دور أكبر لهيئة المهندسين السعوديين، مضيفا "حق تراخيص المكاتب الهندسية، من حقوق الهيئة السعودية للمهندسين، ونتمنى من الهيئة أن تضع الشروط اللازمة مع هيئة الاستثمار لمتابعات أعمال واشتراطات الشركات المحلية وإزالة العراقيل".

وأكد أن المملكة تعتبر من أكبر الورش الإنشائية في العالم على جميع النواحي، من بناء الجسور والقطارات والموانئ والمطارات والطرق والبنية التحتية، في ظل بذل الدولة بسخاء منقطع النظير في هذا المجال.

© الاقتصادية 2017