30 June 2015
تماشياً مع تحسّن وتيرة تنفيذ المشاريع

توقع الموجز الاقتصادي للبنك الوطني أن يحافظ نمو الاقتصاد الكويتي على وتيرته القوية على الرغم من التراجع الكبير في أسعار النفط خلال العام الماضي. وشهد النشاط الاقتصادي في الكويت تسارعاً منذ العام 2013 مدعوما بتسارع وتيرة تنفيذ خطة التنمية الحكومية وقوة قطاع المستهلك. وقد أسهمت الأهداف الطموحة الموضوعة للانفاق الرأسمالي في انعاش الاستثمار الكلي، ومن المفترض أن تستمر في توفير دعم للاستثمار خلال العامين 2015 و2016.وتعكس خطة الحكومة الاستثمارية للفترة 2015 - 2020 وميزانية الانفاق الرأسمالي للسنة المالية 2015 - 2016 الالتزام الرسمي في انعاش الانفاق على مشاريع البنية التحتية.

ونتوقع أن تبقى وتيرة الانفاق الاستثماري كما هي دون تغيير في ظل تراجع أسعار النفط.ورغم انعكاس تراجع أسعار النفط على الأوضاع المالية المحلية والخارجية، الا أن الكويت لا تزال تتمتع بالكثير من الدعائم المالية التي تسمح لها بالحفاظ على قوتها على المدى المتوسط. ومن المتوقع ان تسجل الكويت أول عجز مالي منذ ما يقارب أكثر من عشر سنوات خلال السنة المالية 2015 - 2016، الا أنها ستتمكن من سد العجز دون اللجوء لأي خفض كبير في الانفاق وذلك لامتلاكها أحد أكبر الصناديق السيادية في المنطقة والذي يقدّر بأكثر من 300% من الناتج المحلي الاجمالي (550 مليار دولار).

ولا شك في أن تراجع أسعار النفط بفرض تحديات حول الاستدامة المالية في المدى الطويل، ما أدى الى توجه الحكومة نحو اعادة تقديم العديد من الاصلاحات المالية الأساسية والتي من ضمنها الضريبة على دخل الشركات والضريبة على القيمة المضافة خلال السنوات المقبلة. كما من المتوقع تقديم بعض الاصلاحات التي تتعلق بالمعونات والتي قد تضم المدفوعات التحويلية للأسر ذات الدخل الضعيف. كما يقوم مجلس الأمة حالياً بدراسة بعض الاصلاحات بشأن الأجور والتي تنص على توحيد الرواتب في جميع جهات القطاع الحكومي بالاضافة الى زيادة الرقابة المركزية على الرواتب الحكومية.

ونعتقد أن السلطات جادة في مواجهتها للتحديات المالية التي قد تطرأ على المدى الطويل متخذة اجراءات تدريجية من شأنها الحفاظ على وتيرة النمو وعدم الاخلال بها.سجل الاقتصاد غير النفطي في الكويت نموا صحيا منذ العام 2013، ونتوقع أن يحافظ على وتيرته القوية عند 5% خلال العامين 2015 و2016. وتشير بيانات نمو الناتج المحلي الاجمالي الرسمية الأخيرة الى نمو الاقتصاد غير النفطي الكويتي بواقع 5.6% خلال العام 2013. كما نقدر أن يكون الاقتصاد غير النفطي قد حافظ على وتيرة نموه هذه خلال العام 2014 بدعم من تسارع وتيرة تنفيذ المشاريع وقوة قطاع المستهلك.

ورغم أن نشاط الاقتصاد غير النفطي قد يكون قد تباطأ بصورة طفيفة خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بمستواه القوي الذي شهده في العام 2013 وبداية العام 2014، لكننا نرى هذا التباطؤ سيكون مؤقتا.وقد تباطأ نمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص خلال العام 2014 وحتى الآن في العام 2015 بعد أن سجل تسارعاً لسنوات عدة، اذ سجل الائتمان الممنوح للقطاع الخاص نمواً بواقع 5.7% على اساس سنوي في أبريل من العام 2015 متراجعاً من 8.1% في العام 2013 و6.2% في العام 2014.

كما تراجع أيضاً نمو الائتمان الممنوح لقطاع الأعمال (باستثناء التسهيلات الشخصية والائتمان الممنوح للمؤسسات المالية غير المصرفية) ليصل الى 5% على اساس سنوي من 7.9% في العام 2013. ويعود هذا التراجع بصورة رئيسة الى عمليات تسوية القروض التابعة لصندوق الأسرة وتسديد بعض الشركات لديونها في العام 2014. ومع أخذ هذين العاملين بعين الاعتبار، يتبين لنا أن النمو قد شهد ثباتاً نسبياً خلال شهر أبريل من العام 2015 عند ما يقارب 8% على أساس سنوي، ومن المتوقع ان ينهي العام عند هذه النسبة.

وقد أسهم الانفاق الاستثماري بشكل كبير في حفاظ الاقتصاد غير النفطي على وتيرة نموه القوية، وذلك بفضل تحسن وتيرة تنفيذ خطة التنمية الحكومية. اذ تضم الخطة عدداً من مشاريع البنية التحتية التي من شأنها تطوير كل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص. وارتفعت وتيرة طرح المشاريع بشكل ملحوظ خلال العام 2014 بعد تأجيل في السنوات السابقة.

ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تطوّراً أكبر بعد أن تمت الموافقة خلال العام 2015 على خطة التنمية الخمسية لفترة (2015 - 2020) وخطة الانفاق الاستثماري للسنة المالية 2015 - 2016.وتضم خطة التنمية الخمسية ما يقارب 34 مليار دينار للانفاق الاستثماري على المشاريع الجديدة في مختلف القطاعات كالنفط وتوليد الطاقة والنقل والاسكان.

وقد تمت الموافقة في السابق على أغلب المشاريع التي تضمها الخطة الجديدة كل على حدة حيث أنها كانت من ضمن برنامج الحكومة لسنوات عديدة. شهد النمو في قطاع المستهلك استقرارا وبقي قويا، لكننا نتوقع أن يستمر في الاعتدال. لكن هذا القطاع سيبقى محرّكاً أساسياً للاقتصاد غير النفطي، اذ ظل نمو الدخل الأسري جيدا مع ثبات وتيرة توظيف الكويتيين والعمالة الماهرة من الوافدين.

ونتيجة لذلك، شهدنا نموا قويا في الانفاق الاستهلاكي والقروض الشخصية على الرغم من بعض الاعتدال مقارنة مع العام الماضي.وتراجعت وتيرة نمو الانفاق من بطاقات الائتمان بصورة طفيفة الى 12.6% على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2015، وهو أقل مستوى له منذ ثلاث سنوات. ورغم أن هذا التراجع يشير الى بعض التباطؤ في نمو قطاع المستهلك، الا أن أنه سيبقى قويا. كما تراجع نمو القروض الشخصية الى أقل مستوى له منذ ثلاث سنوات، لكنه بقي بدوره قويا عند 11.8% على أساس سنوي خلال أبريل من العام 2015. ومن المفترض أن يستمر القطاع في تسجيل نمو جيد مدعوما من أداء القطاعات الاقتصادية الاخرى واستمرار الدعم من الانفاق الحكومي.

البورصة تتأرجحلم تتعاف الأسهم في سوق الكويت للأوراق المالية بالكامل من تراجع السوق الأخير في العام الماضي عقب انخفاض أسعار النفط. فقد شهد السوق تعافياً طفيفاً ومؤقتا في بداية العام 2015، وتراجع المؤشر الوزني بواقع 3.9 % منذ تاريخه من السنة المالية خلال شهر مايو. كما تراجع مؤشر مورغان ستانلي المجمع بواقع 2.5 % خلال هذه الفترة.

تراجع أسعار النفط قد يؤدي إلى عجز ماليمن المتوقع أن يسجل الاقتصاد الكويتي أول عجز مالي منذ ستة عشر عاماً خلال السنة المالية 2015 - 2016 نتيجة تراجع أسعار النفط. وعلى الرغم من أن مجلس الأمة لم يوافق على الميزانية حتى الآن، الا انه من المتوقع أن يكون اجمالي الانفاق أقل في السنة المالية 2015 - 2016. ومن المفترض ان لا يتأثر نشاط الاقتصاد المحلي جراء ترشيد الانفاق، لا سيما ان خطة الانفاق الاستثماري من المفترض أن تظل من دون تغيير.

وقد تعافى سعر مزيج برنت نسبياً بعد أن تراجع بشكل كبير في بداية العام 2015 ليصل الى 57 دولارا للبرميل في المتوسط حتى الآن. ولا يزال السعر أقل من مستواه في العام الماضي بواقع 40 %. ومن المتوقع أن تاتي الايرادات النفطية أقل بواقع 38 % لتبلغ 13.8 مليار دينار، بما سيؤدي الى تسجيل عجز يواقع 4.8 % من الناتج المحلي الاجمالي.

© Annahar 2015