20 10 2016

صندوق النقد: الإمارات الأقدر عالمياً على موازنة العجز المالي

أكد صندوق النقد الدولي أن نمو اقتصاد دبي سيبلغ خلال العام الجاري 3.3 % مقارنة مع 2.3 % العام الماضي، على أن يصل العام المقبل إلى 3.6 %، وهو ما يعتبر أعلى من المعدل العالمي الذي قدره الصندوق بـ 3.1 %، بالإضافة إلى أنه أعلى من نمو اقتصادات أوروبا 1.7 % وأميركا الشمالية التي يتوقع الصندوق أن تنمو اقتصاداتها بمعدل 1.6 % بنهاية العام الجاري. كما توقع الصندوق أن ينمو اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 1.75 %.

وأشار الدكتور مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إلى أن الناتج المحلي الإجمالية لدولة الإمارات من المتوقع أن ينمو بنسبة 2.3 % خلال العام الجاري على أن يواصل الارتفاع بنسبة 2.5 % خلال العام المقبل 2017، أما بخصوص اقتصاد أبوظبي فأكد مسعود أحمد أن معدل النمو المتوقع لناتج الإمارة يبلغ 1.5 % العام الجاري و1.7 %، مع العلم أن الإمارة حققت معدل نمو قويا خلال العام الماضي 2015 بلغ 4.3 %.

الأكثر قدرة

وأكد مسعود أحمد في تصريحات خاصة بـ«البيان الاقتصادي»، أن دولة الإمارات تعتبر الدولة الأكثر قدرة على صعيد كافة دول العالم المصدرة للنفط، على موازنة العجز المالي الذي خلفه الهبوط الحاد في أسعار النفط عالمياً، وتطبيق سياسات جديدة تساهم في دفع عجلة النمو، مانحاً الدولة درجة 5 في الصعوبة. مشيراً إلى أنه وعالمياً تعتبر الكونغو الأقرب بعد الإمارات (15 نقطة) ثم فنزويلا (10 نقاط)، في حين وعلى مستوى المنطقة تعتبر قطر الثانية (20 نقطة) متبوعة بـالجزائر (29 نقطة) والكويت (30 نقطة) ثم عمان (31 نقطة)، في حين تعتبر البحرين (43 نقطة) واليمن (40 نقطة) والعراق (37 نقطة) ثم السعودية (35 نقطة) وإيران (32 نقطة) الأصعب من حيث القدرة على موازنة العجز المالي. وأشار مسعود إلى أن دولة الإمارات كانت سباقة في إيجاد الحلول وتنويع مصادر الدخل، كما أنها تعتبر الأقل تضرراً من هبوط أسعار النفط، خصوصاً وأن 70 % من اقتصادها يعتمد على مصادر غير بترولية.

وتوقع مسعود أن تواصل أسعار النفط تواجدها في منطقة ما دون سعر الـ60 دولاراً خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث يبلغ المتوسط السعري المتوقع للعام الجاري 40 دولاراً على أن يبدأ في الارتفاع بنسب طفيفة حتى يصل إلى 56 % دولاراً للبرميل بحلول العام 2021.

إصلاحات مالية

وأكد مسعود في رد على سؤال «البيان الاقتصادي» أن الإصلاحات المالية التي قامت بها دولة الإمارات ودول الخليج بشكل عام تعد إيجابية، وخففت قليلاً من حدة تأثير هبوط أسعار النفط، إلا أنها لا تعد كافية، حيث على دول مجلس التعاون مواصلة الإصلاحات. وأضاف: «خفضت دول الخليج من إنفاقها الحكومي بنسبة 15 % العام الماضي، وواصلت الخفض العام الجاري بنفس النسبة، وهو ما يعني أن الإنفاق الحكومي قد انخفض بنسبة 30 % خلال عامين، وستستمر هذه الدول بخفض إنفاقها إلى ما يقارب 500 مليار دولار سنوياً مقارنة مع ما يقارب 1.2 تريليون دولار في سنوات النفط المرتفع».

وقال: «بالإضافة إلى ذلك، ستتجه بعض دول الخليج إلى تطبيق بعض الرسوم على خدماتها، وبعضها الآخر إلى إطلاق ضرائب جديدة قد تصل في بعضها إلى تطبيق ضريبة الدخل على الشركات»، مشيراً إلى أن ضريبة القيمة المضافة التي ستطلقها دول الخليج خلال العامين المقبلين لن تؤثر على جاذبيتها الاستثمارية، حيث إن الاستثمارات الأجنبية ترغب في الاستثمار في دول تعرف كيف تواجه التحديات الاقتصادية العالمية، وهو ما سيزيد من جاذبية هذه الدول«.

وبالنسبة لدولة الإمارات أشار مسعود أحمد إلى أن الدولة كانت أمام خيارين لسد العجز الذي سببه انخفاض سعر النفط، إما تطبيق إصلاحات مالية وضريبية مثل تطبيق ضريبة القيمة الماضية، وإما الحد الكبير من الإنفاق عن طريق إلغاء خدمات ووظائف حكومية، لتختار الإمارات الحل الأفضل اقتصادياً واجتماعياً وهو تطبيق إصلاحات مالية وضريبية.

نجاحات متواصلة

وقال»حققت دولة الإمارات نجاحات متواصلة في تنويع قاعدة صادراتها من خلال الخدمات المالية والسياحة وخدمات النقل والأعمال، بالإضافة إلى تنامي مكانتها كمركز جذب للاستثمارات الإقليمية والعالمية، كما أنها بين 3 دول فقط (إلى جانب الكويت والعراق) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإيران وأفغانسان وباكستان، التي من المتوقع أن تحافظ على فائض في المالية العامة بحلول العام 2021. كما لفت إلى قيام الإمارات بتحرير أسعار الوقود بهدف تخفيض الاستهلاك ورفع موارد الدولة السيادية.

إطلاق التقرير

واستضاف مركز دبي المالي العالمي، المركز المالي الذي يربط الشركات والمؤسسات مع الفرص المتاحة في الأسواق الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، يوم أمس، مؤتمراً صحفياً بالتعاون مع صندوق النقد الدولي بمناسبة إطلاق التقرير الثاني للصندوق حول المشهد الاقتصادي الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان 2016.

ويتضمن «المشهد الاقتصادي الإقليمي» مجموعة من التقارير الحصرية التي يعدها صندوق النقد الدولي وتضم بيانات معتمدة دولياً حول الاتجاهات والتطورات التي تشهدها مناطق جغرافية محددة، بما يسهم في تقديم صورة واضحة عن المشهد الحالي والمستقبلي للنمو والتجارة والاستثمار، كما يناقش التطورات الاقتصادية الأخيرة والفرص والتحديات والآفاق المستقبلية. ويمثل التقرير أداة رئيسية ودعوة للعمل تستهدف الشركات وصانعي القرار على حد سواء.

ووجد التقرير في نسخته الأخيرة أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية الكبيرة، لا تزال المنطقة قادرة على تحقيق نمو بنسبة 3.5%. كما من المتوقع أن يصل معدل نمو الاقتصاد غير النفطي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 3% في العام المقبل في ظل تباطؤ وتيرة عمليات الاندماج المالي. وأشار التقرير أيضاً إلى أن انخفاض أسعار النفط والصراعات الإقليمية المجاورة تؤثر سلباً على الصادرات والنشاط الاقتصادي، وأنه بإمكان السلطات أن تتخذ خطوات أسرع مما هو متوقع في تنفيذ خطط الإصلاح الهيكلي. بالإضافة إلى ذلك، لفت التقرير إلى حاجة البلدان إلى تسريع إصلاحاتها الهيكلية من أجل تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط والغاز، وتعزيز دور القطاع الخاص، وخلق فرص العمل للقوى العاملة المتنامية لديها.

فعاليات

انطلقت فعاليات المؤتمر بكلمة افتتاحية لعارف أميري، الرئيس التنفيذي لسلطة مركز دبي المالي العالمي، وتم بعدها إطلاق التقرير خلال عرض توضيحي، بحضور عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين والخبراء الماليين العاملين في مختلف القطاعات ضمن المركز، بما في ذلك البنوك وأسواق رأس المال وإدارة الثروات وإعادة التأمين. وتضمنت الفعالية كذلك عرضاً موجزاً قدمه الدكتور مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، حول تأثير العوامل الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية الحالية على اقتصادات المنطقة وآفاق التنمية المستقبلية.

وقال عارف أميري: «أصبح تقرير صندوق النقد الدولي الذي يستعرض المشهد الراهن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان، يشكل حدثاً أساسياً على رزنامة المال والأعمال. فمن خلال تحديد الفرص والتحديات في المنطقة، يرسم التقرير ملامح المشهد المستقبلي للنمو والتجارة والاستثمار في الفترة القادمة، ما يجعله أداة هامة للشركات وصانعي القرار في المنطقة».

وفي حديثه عن النتائج الرئيسية للتقرير، قال الدكتور مسعود: «من المتوقع أن تبقى أسعار النفط منخفضة على مدى السنوات القادمة رغم الزيادات التي شهدناها أخيراً. وصحيح أن الدول المصدرة للنفط تتخذ خطوات واسعة نحو تعديل أوضاعها المالية، إلا أنه لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به. وفي حين شهدت البلدان المستوردة للنفط استقراراً في اقتصادها الكلي بفضل السياسات السليمة وانخفاض أسعار النفط، لكن لا تزال تلك البلدان بحاجة إلى تسريع وتيرة الإصلاح لكي تتمكن من مواصلة نموها وتوفير فرص العمل».

ندوة حوارية

وأعقب العرض ندوة حوارية تطرقت إلى القضايا الاقتصادية الراهنة ومستقبل التنمية في المنطقة. وشارك في الحلقة إلى جانب الدكتور مسعود أحمد، كل من سلمان جعفري، المدير التنفيذي لتطوير الأعمال في سلطة مركز دبي المالي العالمي؛ ومونيكا مالك، كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري؛ ومصطفى عبد الودود، الشريك في مجموعة أبراج. وأدار الندوة لارا حبيب، كبير مقدمي الأخبار الاقتصادية في قناة العربية.

تباطؤ

توقع تقرير صندوق النقد أن يتباطأ النشاط الاقتصادي هذا العام في بلدان التعاون الخليجي رغم استمرار التوسع في إنتاج الهيدروكربونات. فمن المتوقع أن يؤدي تشديد سياسة المالية العامة وتناقص السيولة في القطاع المالي إلى تخفيض النمو غير النفطي في مجلس التعاون إلى 1.57% في 2016، هبوطا من 3.57 % العام الماضي. ومن المتوقع أن يتحسن النمو غير النفطي في دول الخليج إلى 3 % العام القادم مع انخفاض وتيرة التقشف المالي.

© البيان 2016