03 07 2015

ارتفاع حجم الإنفاق العسكري لأكثر من 40% خلال 2014

كتب/ محمد عبد الظاهر

بعد مرور عام على إعلان دولة الخلافة الإسلامية بقيادة تنظيم الدولة " داعش" تجاوزت خسائر المنطقة العربية اقتصادياً أكثر من تريليون دولار، في قطاعات أهمها النفط، والسياحة والبُنى التحتية، وفقاً لأرقام حصلت عليها زاوية من عدة خبراء وتقارير دولية.

وخلال عام واحد من المواجهات العسكرية المباشرة وغير المباشرة مع تنظيم داعش تراجع إجمالي الناتج المحلي في دول مثل سوريا، والعراق، وتونس ، وزاد حجم الإنفاق العسكري بأكثر من 40% في عدة دول عربية تتصدرها السعودية والإمارات وقطر .

بات التنظيم حالياً يسيطر على مساحة تقارب نحو 50 % من مساحة سوريا ، متواجداً في تسع محافظات هي حمص والرقة ودير الزور والحسكة وحماة وحلب ودمشق وريف دمشق والسويداء، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان . إضافة إلى سيطرته على 30% من مساحة العراق .

العراق

موظف حكومي بمدينة الموصل - رفض ذكر إسمه خوفًا من ملاحقة داعش - تحدث لزاوية ، قائلاً: " لقد تم تهجير آلاف الأسر من أهالي الموصل هربًا من تنظم الدولة ومنهم العديد من أفراد عائلتي "، مضيفًا " ترك هذا الاجتياح آثاراً كارثية اقتصادية واجتماعية و ديموغرافية تمثلت في توقف الحياة الاقتصادية تماماً في مدينة الموصل وإيقاف التدريس في جامعاتها الأربع ( الموصل والحدباء والحمدانية وتلعفر ).

هذا إلى جانب تدمير البنية التحتية في محافظة صلاح الدين ( مدينة تكريت مركز المحافظة و والعلم والشرقاط ومكيشيفة والعباسي والبيجي والصينية ومدينة المصافي النفطية ) تدميراً تامًا وتهجير سكانها (تقريبا مليون نسمة ) وتدمير المناطق الصناعية. "

تشير بعض التقارير الحكومية العراقية إلى إن خسائر العراق المباشرة من دخول داعش خلال عام فاقت الـ200 مليار دولار شملت قطاعات الطاقة والبنية التحتية والمؤسسة العسكرية وممتلكات خاصة وعامة، كما يقول ضرغام محمد علي مدير مركز الإعلام الاقتصادي ببغداد.

أشار أيضاً إلى أن حصة القطاع العسكري هي الأكبر حيث استولى التنظيم على تسليح أكثر من 3 فرق عسكرية وقطاع النفط خسر بشكل مباشر بحدود 18 مليار دولار من انخفاض الصادرات ورقم أكبر من ذلك في المنشآت منها أنابيب التصدير ومصفى بيجي ومنشآت الحقول النفطية فيما شكلت أزمة النازحين نفقات إستثنائية.

فيما كانت هناك خسائر لا تقدّر بثمن في قطاع الآثار عبر تدمير مدينتين أثريتين ومتحف كامل وتهرب محتوياتهم، والاستيلاء على أموال المصارف وتشغيلها لحساب التنظيم.

عبد الزهرة الهنداوي متحدث وزارة التخطيط العراقية يقول أنّ العراق بحاجة إلى نحو 25 مليار دولار لإعادة إعمار المناطق المحررة في صلاح الدين وديالى والأنبار، مبيناً أن عملية التنمية توقفت بالعراق بنسبة 100% بسبب سيطرة داعش على الموصل .

"توقفت المشاريع بشكل كامل في عام 2015 بسبب سيطرة داعش، فضلاً عن تدمير البُنى التحية مما كبّد العراق خسائر فادحة ". يضيف الهنداوي

مشيراً إلى أن هناك 3 ملايين نازح داخل العراق بحاجة إلى موازنة خاصة مما يضيف عبئاً جديداً، مبيناً أنه تم إنشاء صندوق لإعادة الإعمار بمبلغ 500 مليار دينار عراقي، وهذا مبلغ لا يفي بالغرض .

ووفقاً لتقرير استقصائي سابق لزاوية هناك حوالي 700 موقع أثري في سوريا والعراق تعرضوا للسرقة تضم أثاراً وتماثيل ذهبية نادرة ، والتي تمثل رافدًا غنياً للتمويل، وفقاً لتقديرات منظمة اليونسكو .

تراجع النمو

صندوق النقد الدولي أكد أن الاقتصاد العراقي تراجع 2.1% خلال العام 2014 بسبب أعمال العنف ومواجهات تنظيم الدولة، متوقعاً أن ينمو فقط بنسبة 0.5% خلال العام 2015، مع تسجيل عجز 8% من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2015.

وفقاً لتقرير للبنك الدولي للعام الماضي - بعد 6 أشهر فقط من دخول داعش- فقد أضرت الحرب بمستويات المعيشة، حيث انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل 11 في المائة في لبنان و1.5 في المائة في تركيا ومصر والأردن مقارنة بالمستويات التي كان يمكن تحقيقها لو لم تنشب الحرب.وتعد تكلفة الفرصة البديلة لفقدان التكامل التجاري أكبر من التكلفة المباشرة لمصر والأردن وتركيا.

سجل نصيب الفرد من الدخل في سوريا والعراق بالقيمة الثابتة تراجعا بنسبة 23 % و28 % على التوالي نهاية العام الماضي 2014، مقارنة بمستوياته التي كان يمكن تحقيقها لولا إندلاع الحرب.لكن التكلفة المرتبطة بالحرب ارتباطاً مباشراً تراجعت 14 و16 في المائة على التوالي في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في سوريا والعراق، وفقاً لتقرير للبنك الدولي.

يضاف إلي تلك الخسائر الاقتصادية المباشرة أيضا التكلفة المالية لتقديم خدمات أسياسية للاجئين في البلدان المضيفة، و تكلفة استخدام اللاجئين لمرافق البنية التحتية.وقد تكون هذه التكلفة ضخمة لكل من لبنان والأردن وتركيا، وهي البلدان الثلاثة التي إستقبلت أكبر أعداد من اللاجئين، كما يقول البنك الدولي.

فإن التكلفة الاقتصادية الحقيقية للحرب الأهلية وتوسع تنظيم الدولة الإسلامية للأسف تتجاوز الآثار المباشرة للحرب على المنطقة .وحيث أن الحرب عطلت نمو التجارة فيما بين بلدان المنطقة وأوقفت خطط تعميق التكامل التجاري، يجب إدراج المنافع المفقودة لزيادة التكامل التجاري، وذلك لعرض تقييم دقيق للتكلفة الاقتصادية للحرب.

شكل (1) الإضرار المباشرة على اقتصاديات بعض الدول العربية خلال عام من ظهور داعش - مليار دولار

استثمار سلبي

الدكتور عزت عبد الله أستاذ الاقتصاد بأكاديمية طيبة أكد أن وجود داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية كان عاملاً رئيساً في هروب الاستثمارات الأجنبية خلال العام الماضي، مما أثر سلباً على معدلات الإنتاج، ورفع من حجم البطالة في المنطقة العربية.

منوهاً إلى أن الاقتصاديات التي تتعرض بشكل مباشر للإرهاب هي الأكثر خسائر في المنطقة العربية مثل مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن وتونس.

تقرير لمنظمة العمل العربية، وعلى لسان أحمد لقمان، المدير العام للمنظمة أكد أن معدل البطالة عربياً وصل إلى 17% يمثل 20 مليون شخص عاطل عن العمل في العالم العربي العام 2014، وأن 30% من الشباب العرب يعانون البطالة جراء النزاعات في بلدانهم. سجلت معدلات البطالة عربياً ما يقارب 15% للعام 2013.

وقدر رئيس المنتدى الإستراتيجي للتنمية والسلام الدكتور علاء رزق حجم الخسائر التي تتعرض لها مصر بسبب الإرهاب ما يقارب 100 مليار دولار خلال العام الماضي فقط نتيجة لتراجع قطاعات السياحية وحجم الاستثمارات الأجنبية.

في تونس توقعت وزيرة السياحة التونسية سلمى الرقيق، أن يخسر اقتصاد بلادها في 2015 مليار دينار (نحو 515 مليون دولار) بسبب تأثيرات هجوم دموي سوسة الأخير الذي تبنته داعش وأسفر عن مقتل 38 سائحاً .

انتهج التنظيم طريقًا للوصول للدول الخليج حيث بدأ ذلك بهجوم على أحد مساجد الشيعة بالكويت مؤخراً ، والذي أسفر عن مقتل 27 شخصا وأصاب ما يزيد على مائتين، مما يضع الكويت على خط المواجهة في أزمة جهادية تفاقمت إلى الشمال في العراق .

تسببت الحرب ضد داعش أضرار مباشرة للأردن حيث أوقفت أكبر مشروع استثماري مشترك بين العراق والأردن تقدر تكلفته بنحو 18 مليار دولار، لنقل النفط العراقي من قضاء حديثة غربًا إلى ميناء العقبة الأردني.

التسليح

فرضت المواجهة العربية لتنظيم الدولة الدفع ببعض الدول العربية إلي زيادة استيراد الأسلحة والمزيد من الإنفاق على تطوير منظوماتها العسكرية ، وبعد أن كانت تحقق تقدماً في النهضة الاقتصادية والاجتماعية خاصة في دول الخليج، ومنها الإمارات والسعودية، كما يقول الدكتور علاء رزق.

وأضاف أن هذه الدول اتجهت إلى التسليح لتأمين هيئاتها ومؤسساتها وحدودها، خاصة بعد أن أصبحت داعش مترامية الأطراف في ليبيا واليمن والعراق والشام .

ووفقاً لتقرير عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS) إبريل 2015، جاءت السعودية والإمارات على سدة الدول الأكثر إنفاقاً عسكرياً في الشرق الأوسط للعام 2014 ، وجاءت السعودية رابع قوة عالمياً في الإنفاق على التسليح خلال العام الماضي، حيث طورت منظومتها العسكرية بما يقدر بـِ 80 مليار دولار فقط خلال العام 2014.


استوردت السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وقطر أسلحة تقدر بـِ 109 مليار دولار في عام 2014. بزيادة 44 % مقارنة بالعام 2012 للدول الأربعة، وفقاً للتقرير ذاته.

محمد عبد الظاهر

mohamed.abdulzaher@thomsonreuters.com

شاركا في التقرير

محمد العجمي (مصر)

ماجدة محسن (العراق)



© Zawya 2015