03 02 2016

توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.5% نهاية العام الجاري

نمو متوقع

س- كيف تُقيمون أداء اقتصاد الإمارات في 2015 وما هي توقعاتكم للعام الحالي ؟

ج- إن مرونة الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات مستمدة من عدة عناصر يأتي على رأسها تنوعه وعدم اعتماده على مصدر واحد للدخل، إن القطاعات غير النفطية سجلت مساهمة بنسبة 70% تقريباً حتى نهاية العام 2015 وبلغت نسبة النمو الحقيقي 3% بموجب تقديرات صندوق النقد الدولي.

وتلك نسبة أكثر من جيدة في ظل المناخ الاقتصادي العالمي ، حيث سيصل الناتج المحلي الإجمالي قرابة 1.58 تريليون درهما ، مقارنة مع 1.47 تريليون درهما في العام 2014 ، ونتوقع استمرار النمو في العام 2016 بنسبة قد تصل إلى 3.5% أو تتجاوزها.

في ظل رؤية الدولة نحو تبني برنامج اقتصادي شامل لتحقيق نمو مستدام وتقليص الاعتماد على النفط تدريجيا خلال السنوات المقبلة، يلعب القطاع الصناعي دوراً هاماً في تنويع مصادر الدخل والوصول بالاقتصاد الإماراتي إلى الاستدامة.وبحسب إحصائيات العام 2014 وصلت نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 14%، ويتوقع لها أن تصل إلى 20% بحلول عام 2025.

في حين يعتبر قطاع الطيران واحدًا من أهم القطاعات التي تميز دولة الإمارات ووصلت مساهمته في الناتج المحلي إلى 15% وذلك نتيجة لارتباط الإمارات باتفاقيات نقل جوي مع 168 دولة بسبب موقعها الجغرافي المتميز وعلاقاتها التجارية الواسعة.

وعلى صعيد آخر بلغت مساهمة قطاع الخدمات المالية بالناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 10.2% وهو ما يعطي لمحة عن مدى القوة والاستقرار المالي على مستوى الدولة.

كما ساهم قطاع السياحة في نحو 8.4% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة وبلغ عدد السياح لجميع إمارات الدولة في العام 2014 ما يقارب 20 مليون سائح حسب الإحصائيات الصادرة من الهيئات السياحية المحلية، ونتوقع أن تكون إحصائيات العام 2015 مشابهة في مستويات النمو على مختلف القطاعات وأن ترتفع تلك الأرقام جميعًا وفق العلاقة العكسية التي تربط أسعار النفط العالمية بربحية تلك القطاعات وتسريع نموها.

أسعار النفط

س - كيف تأثرت الإمارات بالتراجع الكبير في أسعار النفط ؟ وهل سجلتم أي عجز في الموازنة ؟

ج- الانخفاض الملحوظ في أسعار النفط العالمية قد يشكل تحديًا للناتج الوطني الإجمالي مستقبلًا نظرًا لأن دولة الإمارات لازالت تعتمد في 30% من الدخل على صادرات النفط ومشتقاته، وأن قرابة 70% من الناتج المحلي الإجمالي يعود لقطاعات متنوعة غير نفطية، ولذلك فإن مستويات تأثير انخفاض أسعار النفط محدودة للغاية بالمقارنة مع مختلف الدول النفطية الأخرى على مستوى العالم.

ولا أتوقع ورود عجز في الموازنة إذا ما استمر التراجع النفطي وأكبر دليل على ذلك بأن الدولة شهدت عامًا وربع من الانخفاض المتتالي في أسعار النفط وصولاً إلى 30 دولاراً للبرميل كواحد من أدنى مستويات الأسعار لسنوات طويلة ومع ذلك فقد اعتمدت الحكومة الاتحادية ميزانية صفرية العجز لعام 2016 مما يؤكد الأثر المحدود لانخفاض أسعار النفط على توجهات الدولة واقتصادها.

شهدت عدد من القطاعات الغير نفطية معدلات نمو مرتفعة خلال عام 2014 في ظل تراجع أسعار النفط، وأبرزها نمو قطاع النقل والتخزين بنسبة 10% مقابل 7.9% خلال العام 2013، وفي تجارة الجملة والتجزئة 8% ارتفاعا من 6.8% عن العام الذي سبقه، وفي التشييد والبناء 6.1% ارتفاعا من 3.4%، ونتوقع استمرار نمو تلك القطاعات في ظل مواصلة أسعار النفط تراجعها في العام 2015. وهذا ما يميز اقتصادنا الوطني المتنوع والمتوازن.

س- هل هناك احتمالات من توقف بعض المشروعات الكبرى في حال استمرار تراجع أسعار النفط هذا العام ؟

ج- إن الميزانيات التي تم الإعلان عنها اتحادياً ومحلياً أكدت استمرار الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بالعمل على تنفيذ المشاريع التي تم الإعلان عنها خلال العامين الماضيين 2014 و2015 والتي من شأنها المساهمة المباشرة في رفع جاذبية بيئة الأعمال في دولة الإمارات والارتقاء بقدراتها التنافسية. وكمثال على ذلك فإن العمل بعدد كبير من مشاريع البنية التحتية مستمر كتوسعة المطارات الوطنية بمبالغ إجمالية تصل إلى 100 مليار درهم وشبكة قطار الاتحاد بمبالغ تصل لـ40 مليار درهم، بالإضافة للطرق والمواصلات والمرافق السياحية والبنية التحتية الإلكترونية والخدمات المالية. كما أن برامج الإسكان الخاصة بالمواطنين ومشروعات البنية التحتية في الدولة لن تتأثر بأي تطوّرات تحدث في أسواق النفط العالمية لأنها تنفذ وفق ميزانيات مرصودة سلفًا. وستشهد الدولة أيضًا استقرار الإنفاق على مشاريع المياه والطاقة والاستثمار في البنية التحتية والاجتماعية، من أجل الحفاظ على منظومة التنوع الاقتصادي للدولة.

هناك عوامل أخرى محفزة لمواصلة المشاريع التنموية الكبرى أدائها دون تباطؤ ومن بينها مشاريع معرض "إكسبو 2020". إذ تعمل إمارة دبي اليوم على تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة استعداداً للحدث العالمي، ومنها تطوير منطقة دبي الجنوب ومطار آل مكتوم، ومشروع قناة دبي المائية ومشروع متحف المستقبل ومشروع جوهرة الخور ومشروع الحبتور سيتي وجزر ديرة والوجهة الترفيهية ومدينة علاء الدين وإطار دبي وواجهة الممزر المائية وجزيرة المياه الزرقاء، وغيرها.

الضرائب

س- ما هي إمكانية فرض ضرائب في الإمارات سواء على الأفراد أو على الشركات الأجنبية ؟

ج- الحديث عن فرض ضرائب داخل دول مجلس التعاون الخليجي بدأ منذ فترة وقبل بداية انخفاض أسعار النفط ، كجزء من إجراءات تستهدف تحقيق المزيد من كفاءة منظومة الأداء الاقتصادي.

وما تم الاتفاق عليه حاليا من فرض ضريبة القيمة المضافة، يعتبر مشروعا خليجيا متكاملا وليس على مستوى دولة الإمارات، والذي سيتم بدء تطبيقه على قطاعات متفق عليها اعتبارا من العام 2018 بحسب ما أعلن، والنسب المقترحة حالياً لتلك الضريبة تتراوح بين 3 و5 %، وأعتقد بأن الدول الخليجية على استعداد لاستيعاب هذه الضريبة باعتبارها في حدودها الدنيا.

وفي المقابل فإن هناك دراسات بشأن تشريعات أخرى من شأنها منح مزيد من الحوافز للشركات والمستثمرين الأجانب في أسواق الإمارات، ومن أبرزها قانون الاستثمار الأجنبي المباشر.

س- هل ترون أن فرض ضرائب على الشركات الأجنبية قد يقلل من حجم استثماراتها داخل الدولة؟

ج- إن كافة القرارات التي تصدرها الحكومة تخضع لدراسات متأنية ومكثفة واستشارة خبراء ومختصين وبيوت خبرة، ولا يوجد أي قرار تصدره الحكومة إلا بعد المرور بمراحل عدة من الاستقصاء ، وحتى بعد دخول ضريبة القيمة المضافة في العام 2018 ستبقى دولة الإمارات من أكثر دول العالم جاذبية للاستثمارات الأجنبية، ولا أتصور حدوث تأثيرات سلبية لأي قرار حكومي مستقبلي على الوضع الاقتصادي للدولة بشكل عام، وبموجب الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 فإن الدولة تستهدف وصول نسبة تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي ، وبالتالي فالحكومة تعمل على تحقيق هذا الهدف من خلال ما تراه مناسباً من قرارات وإجراءات.

واليوم تمتلك دولة الإمارات 34 منطقة حرة متنوعة التخصصات تتمتع بالعديد من عناصر الجذب كانعدام ضريبة الدخل. والبنية التحتية عالمية المستوى. وحرية تحويل الأرباح والإيرادات والأصول بنسبة 100%. والنظم التشريعية والمحاكم ذات الكفاءة العالية. والقوانين الهادفة لحماية رأس المال الأجنبي (مثل حقوق الملكية الفكرية) إلى جانب أنها معفاة من العديد من القوانين والتشريعات المنظمة للحركة الاقتصادية والمطبقة على مختلف الشركات العاملة خارجها، ولا أتصور حدوث أي تغيرات على وضعيتها، بل على العكس نحن نعمل على تعزيز القطاعات الاقتصادية المختلفة خارج المناطق الحرة أيضاً عبر تحديث المنظومة التشريعية الاقتصادية.

س- كيف تقيمون مستويات التضخم القائمة في الدولة اليوم وهل هي مرشحة للارتفاع خلال الربع الأول من العام 2016 ؟

ج- أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي بتوقعات بأن يصل مستوى التضخم إلى 3% خلال عام 2016، وهي نسبة مقبولة مع مستويات دخل الفرد في الدولة خصوصاً إذا ما قورنت الأوضاع المحلية بالعديد من الدول المجاورة كنماذج مشابهة. وأتصور أن ينحصر مستوى التضخم عند مستويات مقبولة في ظل انخفاض أسعار النفط العالمية وتأثيرات ذلك على مختلف القطاعات والسلع الاستهلاكية.

سياسيا

س- كيف تأثر اقتصاد الإمارات بالأزمات السياسية والأمنية والمالية التي تشهدها العديد من بلدان المنطقة العربية اليوم؟

ج- إن الاقتصاد الإماراتي أثبت بأنه من الاقتصادات القوية والواعدة إقليمياً وعالمياً وهو اقتصاد تمكن من المحافظة على معدلات نمو كبيرة خلال السنوات الماضية مؤكداً كفاءته خلال فترة اختبار صعبة قبل بضعة سنوات إبان الأزمة المالية العالمية والتي شهدت تراجع وتدهور كثير من اقتصادات العالم بعد العام 2008. في حين حدت الاحتياطات النقدية الوقائية في الحسابات الخارجية للدولة بشكل كبير من الآثار السلبية المباشرة لتقلبات اقتصادات الأسواق الناشئة. وبشكل عام فإن دولة الإمارات ونظراً لما تتمتع به من عناصر الأمن والأمان والاستقرار السياسي فإنها تعد بيئة اقتصادية آمنة وجاذبة في منطقة تعصف بها الأزمات السياسية والاقتصادية.

تحرير : محمد عبد الظاهر



© Zawya 2016