10 02 2016

أكد تقرير صدر مؤخرا عن مركز "كارنيغي"، حول الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن تراجع أسعار النفط في الاسواق الدولية إلى ما دون 50 دولارا للبرميل يفرض ضغطاً هائلاً على المالية العامة، ما يفاقم العبء المالي الناجم عن الاستثمار في المحطات النووية، مشيرة إلى أن الجزائر تدرس خياراتها، حيث تُدير مفاعلَين بحثيَّين منذ أوائل التسعينيّات في مدينتَي الدرارية وعين وسارة.

قالت الباحثة المقيمة في مركز "كارنغي" للسلام الدولي، كارول نخلة، في تقرير نُشِر الأسبوع المنصرم تحت عنوان "مستقبل الطاقة النووية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، أن الدول العربية فقيرة من مادة اليورانيوم التي يستعمل وقودها لتشغيل المحطات النووية، مشيرة أن أربعة بلدان فقط عالميا تتوفر على أكثر من نصف الاحتياطي العالمي وهي أستراليا وكندا وكازاخستان وروسيا. في المقابل، تُعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقيرة جدا، حيث لا يملك سوى الأردن (0.5 في المئة) والجزائر (0.3 في المائة) ومصر (أقل من 0.1 في المائة ) مصادر يورانيوم، وإن كان هناك فئات يورانيوم أكثر كلفةً. لذا، ستضطرّ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تأمين إمدادات اليورانيوم من خارج المنطقة أساساً. وبالرغم من انعدام هذه المادة في البلدان الخليجية، إلا أن بلدانٌ عدّة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أعلنت عن خططها لتبنّي الطاقة النووية كجزءٍ من تنويع الطاقة في المستقبل. وتُعدّ الإمارات العربية المتحدة في الطليعة بين قريناتها لجهة بناء أولى محطات الطاقة النووية العربية، لتصبح الدولة الأولى منذ سبعة وعشرين عاماً التي تبني أول مفاعل نووي. وفيما تسعى هذه البلدان إلى تلبية حاجاتها المتزايدة من الطاقة، فهي مضطرّة لأن تزن بين فوائد الطاقة النووية وتكاليفها المتنازَع حولها.

وحسب الباحثة فإنه لنجاح أي استثمار لابد من احتساب القيمة المستقبلية لعائداته المتوقَّعة في إطار المعطيات الراهنة، وهذه عملية مالية تُسمّى خصم التدفقات النقدية المستقبلية، وتأخذ في الاعتبار عامل الوقت والمخاطر المرتبطة بالاستثمار. وضربت الباحثة مثالا حيث قالت أنه ينبغي على المستثمرين أن يأخذوا في الحسبان أن عوامل مثل التقدّم التكنولوجي أو ظهور بدائل أقل كلفة في مجال الطاقة، من شأنها أن تخفّض قيمة استثمارهم في الطاقة النووية، وبالتالي كلما طالت مدّة الاستثمار أو ارتفع تقييم المخاطر، ازداد معدّل الخصم.

وأكدت نخلة أنّ تطوير الطاقة النووية يتطلب استثمارات كبيرة على المدى الطويل في تقنيات معقّدة، ما يجعل من الصعب الحصول على تمويل تجاري صرف لذا، يعتمد القطاع النووي بشكلٍ كبير على الدعم الحكومي الذي يتجلّى، من خلال صياغة سياسة عامّة داعمة للمشاريع النووية وتحصيل التمويل اللازم، ويطرح انخفاض سعر النفط إلى ما دون الـ50 دولاراً لكل برميل ضغطاً هائلاً على المالية العامة، ما يفاقم العبء المالي الناجم عن الاستثمار في المحطات النووية.

© الفجر 2016