25 11 2015

انطلاق أعمال مؤتمر الطاقة بحضور حامد بن زايد

انطلقت، أمس، فعاليات المؤتمر السنوي الحادي والعشرين للطاقة لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة الذي ينظمه المركز تحت عنوان «موقع نفط مجلس التعاون لدول الخليج العربية في سوق الطاقة العالمي: جوانب الاستمراريَّة والتغيير»، بحضور سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي.

والشيخ الدكتور خالد بن سلطان بن زايد آل نهيان، والشيخ فيصل بن صقر القاسمي، رئيس مجلس إدارة شركة الخليج للصناعات الدوائية «جلفار»، والدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

ويستمر المؤتمر لمدة يومين، وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بمقر المركز في أبوظبي.

ويستقطب عدداً من أعضاء السلك الدبلوماسي والخبراء البارزين، وشخصيات علمية وأكاديمية، وباحثين في مجال النفط والطاقة من جميع أنحاء العالم.

تفاؤل

وأعرب الدكتور مطر النيادي وكيل وزارة الطاقة عن تفاؤله بتحسن أسعار النفط عالمياً مع بداية العام المقبل، متوقعاً في الوقت نفسه انتهاء عملية انخفاض أسعار النفط الخام ومشتقاته البترولية.

ورداً على التقارير التي تحدثت عن انخفاض أسعار النفط خلال الأسابيع القليلة المقبلة، قال مطر النيادي في تصريحات للصحافيين، إن الجهات التي عملت على إصدار هذه التقارير توقعت في وقت سابق أن تصل أسعار برميل النفط إلى 200 دولار، وهو ما لم يتحقق.

واستعرض النيادي في الكلمة التي ألقاها نيابة عن المهندس سهيل محمد المزروعي، وزير الطاقة، التوقعات طويلة الأمد لمنظمة «أوبك» بشأن ازدياد الطلب على الطاقة بنسبة تقارب 50 % عام 2040، وأكد أن الوقود الأحفوري والنفط سيظلان مصدراً رئيسياً للطاقة، مع تنامي الطلب على الطاقة المتجدِّدة.

انخفاض مؤقت

وذكر أن ما تشهده الأسعار حالياً من انخفاض إنما هو مؤقت، ولا يمكن أن يستمر طويلاً.

وأكد أن الإمارات تسعى إلى بناء علاقات متينة مع المستهلكين والمنتجين في سوق الطاقة العالمي لاستقرار الأسواق العالمية.
 
وأشار إلى أن تحرير أسعار الطاقة عزَّز تنافسية الإمارات عالمياً؛ وهو خطوة تسهم في المحافظة على مواردها، وتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن قطاع النقل.

أهمية

من جانبه، قال الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، إن المؤتمر يكتسب أهميته من خلال البحث والمناقشة، للقضايا الأكثر أهميةً في العالم الذي نعيش فيه الآن، ولاسيَّما أن هذا المؤتمر يتناول قضايا حيوية مثل موقع نفط مجلس التعاون لدول الخليج العربية في سوق الطاقة العالمي، والابتكار في مجال النفط والطاقة، وأسواق الطاقة العالمية، والتطورات الجيوسياسية، ويربط هذه القضايا كلها بمستقبل الطاقة في العالم، وتأثير ذلك في نفط مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

قضايا استراتيجية

وأوضح أن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، دأب منذ إنشائه على أن يدرس القضايا الاستراتيجية التي تتعلَّق بتطورات المنطقة والعالم، ويحلِّلها على أسس علمية منهجية؛ ليصل إلى حقيقة هذه القضايا والمشكلات؛ موفِّراً ما يصل إليه من نتائج للباحثين والمتخصِّصين من جهة، ولصانعي القرار من جهة أخرى؛ ليكوّنوا من خلالها صورة واقعية علمية يفيدون منها في تناولهم القضايا، أو معالجتهم المشكلات في المجالات المختلفة التي تصادفهم في الحاضر، أو تلك التي يستشرفون ما يمكن أن تؤول إليه مستقبلاً.

وأشار إلى أن منطقة الخليج العربي تشهد أحداثاً سياسية واقتصادية لها أبلغ الأثر في اقتصادات دولها التي تعتمد بشكل رئيسي على عوائد إنتاج النفط والغاز وتصديرهما.

ومن منطلق حرص مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة على إيلاء أهمية قصوى لقضايا النفط وتطوُّراته؛ وذلك منذ إنشائه عام 1994، فقد أصبح المؤتمر السنوي الذي يعقده المركز حول الطاقة قِبلة الباحثين، ومصدراً غنياً لمتخذي القرار لتقويم الأوضاع الراهنة في أسواق الطاقة، ورسم السياسات المستقبليَّة التي تكفل استمرار عملية التنمية الشاملة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

مناقشات مثمرة

وأكد السويدي ثقته بأن المؤتمر سيشهد مناقشات مثمرة ومكثفة خلال عرض أوراقه البحثية التي عكف أصحابها على إعدادها منذ شهور، مراعين دراسة جميع التطورات والقضايا الخاصة بالمكانة التي بلغها نفط مجلس التعاون لدول الخليج العربية في سوق الطاقة العالمي، وما يشهده من عوامل تؤثر فيه بالإيجاب والسلب.

كما أكد أنه على يقين بأن أعمال هذا المؤتمر سوف تشهد توصيات ومقترحات تسهم في رسم الصورة الواقعية لنفط مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالتالي ستساعد متخذي القرار على وضع السياسات المستقبليَّة المناسبة له.

الجلسة الأولى

وترأس الجلسة الأولى للمؤتمر المهندس أحمد الكعبي، مدير إدارة الاقتصاديات البترولية في وزارة الطاقة، وحملت عنوان «نفط مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أسواق الطاقة العالمية: الواقع والمستقبل»، حيث قدمت الدكتورة نورة عبدالرحمن اليوسف، نائب رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، ورقة بحثية بعنوان «توجُّهات الطلب العالمي على نفط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، عقَّبت خلالها على تطورات أسعار النفط العالمية، وانخفاضها أكثر من 60% منذ يونيو 2014.

وقالت إن هذا الانخفاض نجم عن تزايد عرض النفط الذي جاء بشكل أساسيٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، إضافة إلى ضعف نمو الطلب، ولاسيَّما من جانب الصين التي كانت خلال السنوات الماضية المصدر الأساسي للنمو في الطلب.

80 دولاراً

وأشارت اليوسف إلى أن هناك الكثير من العوامل التي تؤثر في الطلب على النفط في المدى الطويل، ومنها السياسات البيئية المتَّبعة التي قد تخفض الطلب على النفط، والتطور التقني، وتزايد استخدام المركبات الكهربائية، وتزايد كفاءة الطاقة، وتغيُّر وتيرة النمو في استخدام المركبات بالأسواق الناشئة؛ وهو ما سينعكس على مزيج الطاقة العالمي.

وقالت إن معظم المؤسسات الدولية، مثل «أوبك» و«وكالة الطاقة الدولية» و«إدارة معلومات الطاقة الأميركية»، تتوقع عودة سوق النفط إلى التوازن خلال السنوات القليلة المقبلة؛ بحيث يعود السعر إلى مستوى 80 دولاراً للبرميل بحلول عام 2020.

ورقة بحثية

وبعدها قدَّم كامل عبدالله الحرمي، المحلل النفطي المستقل من الكويت، ورقة بحثية بعنوان «قدرات الإنتاج والتصدير.. إلى أين؟»، أشار فيها إلى أنه بعد مرور سنة واحدة على اجتماع «أوبك» الذي عُقِدَ في نوفمبر الماضي في فيينا، واتُّخِذ فيه قرار إلغاء نظام الحصص في إنتاج النفط، دخل العالم نهاية حقبة «المنتج المرجّح»، ويجد أعضاء «أوبك» أنفسهم حالياً في خضم منافسة شرسة، بعضهم مع بعض؛ للحفاظ على حصصهم في السوق، أو الأفضل من ذلك، زيادتها.

5 تحديات

وتحدث روبن ميلز، رئيس قسم الاستشارات في شركة «المنار للطاقة» في الإمارات مستعرِضاً ورقته البحثية التي جاءت تحت عنوان «السياسات النفطية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وقال إن دول التعاون تواجه خمسة تحديات متقاطعة في تحديد سياسة نفطيَّة متوسطة وطويلة الأمد وتنفيذها.
 
وأوضح أن التحدي الأول يتمثل في ارتفاع إنتاج النفط والغاز الصخري الأميركي.

أما التحدي الثاني؛ فهو ردُّ فعل دول التعاون على هذا الأمر، المتمثل في زيادة الإنتاج، ومن ثم انخفاض أسعار النفط. ويتمثل التحدي الثالث في المنافسة داخل «أوبك» على الحصة السوقية، ولاسيَّما من العراق، وعودة إيران إلى السوق. ويتمثل التحدي الرابع في أن زيادة المستهلكين الآسيويين ستؤدي إلى تغيير منطقة الطلب على النفط وصادرات الخليج إلى الشرق.

ويتمثل التحدي الخامس والأخير في أن قطاع النفط يتطلَّب من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن تولي اهتماماً كبيراً لاستخراج النفط المحسَّن والمعزَّز، وللمصادر غير التقليدية.

وأضاف أنه لا بدَّ من دراسة متأنية لتحديد قابلية استمرار هذه الخطط الموضوعة لزيادة الطاقة الإنتاجية.

الجلسة الثانية

وجاءت الجلسة الثانية بعنوان «نفط مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ظل المتغيِّرات الاقتصادية العالمية»، ورأسها الدكتور أحمد المطروشي، مدير إدارة غرب آسيا في وزارة الخارجية، وجاء الدكتور ممدوح سلامة، مستشار النفط والغاز في «البنك الدولي»، متحدثاً أول في هذه الجلسة، وقدَّم ورقة بحثية تحمل عنوان «عودة القوى النفطية التقليدية (العراق، إيران، ليبيا) إلى السوق العالمية».

أهمية كبيرة لقطاع الطاقة في اقتصاد الدولة

قالت «أخبار الساعة» إن قضايا الطاقة شغلت حيزاً مهماً من اهتمامات مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية منذ تأسيسه في عام 1994، انطلاقاً من الدور المهم الذي تلعبه الطاقة بمصادرها المختلفة في الاقتصادات الحديثة وأهمية تعزيز جهود التنمية المستدامة في الدول المنتجة والمستوردة للطاقة على السواء، فضلاً عن الأهمية الكبيرة التي يحظى بها هذا القطاع بالنسبة إلى اقتصاد الإمارات التي تعد من اللاعبين الرئيسيين في أسواق النفط والطاقة العالمية.

وتحت عنوان «المؤتمر السنوي الحادي والعشرون للطاقة»، أضافت أنه استناداً إلى ذلك بادر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية منذ تأسيسه إلى تنظيم مؤتمر سنوي للطاقة يناقش فيه مستجدات هذا القطاع وسيناريوهات المستقبل بشأنه ويحرص في ذلك على إشراك أكبر عدد من الخبراء الدوليين والمتخصصين المتميزين في هذا المجال للبحث في السبل والخيارات اللازمة لتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المختلفة وطرق الحفاظ عليها واستدامتها مع ضمان ترشيد استخدامها وتدفقها إلى المستفيدين في الأسواق العالمية.

اعتباران مهمان

وأوضحت أن المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة بالنظر إلى اعتبارين مهمين أولهما: أنه يعقد في ظل حالة من عدم الاستقرار التي تشهدها أسواق النفط العالمية، والتي شهدت تراجعاً كبيراً في الأسعار خلال العام الماضي نتيجة عوامل عدة من بينها التباطؤ الاقتصادي العالمي وضعف الطلب على النفط وزيادة المعروض منه، الأمر الذي قد يلقي بتبعاته على اقتصادات الدول المنتجة للنفط، ولاسيما إذا استمر التراجع فترة طويلة.

وأضافت أن الاعتبار الثاني هو أن انعقاد المؤتمر يأتي متزامناً مع احتفال الدولة بـ«أسبوع الابتكار»، واعتماد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، السياسة العليا للدولة في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار التي تتضمن 100 مبادرة وطنية في القطاعات المختلفة بحجم استثمار يصل أكثر من 300 مليار درهم، وتهدف بالأساس إلى تغيير معادلات الاقتصاد الوطني ودفعه بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية وتحقيق نقلة علمية ومعرفية متقدمة للدولة خلال السنوات المقبلة..

معتبرة أن المؤتمر يمثل فرصة جيدة للبحث عن أحدث الابتكارات في مجال تكنولوجيات الطاقة وتطبيقاتها المحتملة بما يصب في خدمة الأهداف السامية التي تسعى إلى تحقيقها قيادتنا الرشيدة حفظها الله لخير هذا الوطن ورفاهية أبنائه.

© البيان 2015