28 05 2016

التعاطي غير الإيجابي من الأفراد في السوق المالية مع المحفزات الرئيسية كمحفز صعود أسعار النفط اتضح بالأمس،وقد كان تعاطياً يمكن وصفة بالتعاطي الصادم والسيئ. ومثل ذلك حقيقة يُنذِر بأن هناك خللاً "ما" يجب الالتفات إليه، وتتبعه، ودرئه قبل استفحاله، ويستلزم من أصحاب الشأن الانتباه لانعكاساته المستقبلية، ومن شأنه أن يحثهم على زيادة بحوثهم حوله،واستقصاء أسبابه وتشخيصه التشخيص الدقيق للخروج بأفضل سبل العلاج والوقاية منه مستقبلاً.

فلا يمكن أن يستمر حال مثل ذلك الحال دون كبح جماحه،لأنه لا يقوض الجهود التي تعمل على استقرار السوق، وإنما يتجاوز أكثر من ذلك، ويتجه إلى استنزاف الأموال،ويحبط طموحات أصحابها في نموها،وبالتالي يرفع لديهم درجة التشكيك في مخرجات الاستنفاع منها، وبالتالي هز ثقة المستثمرين والمتعاملين على حد سواء، مما يحد مستقبلاً من جذب الأموال إليها.

الوقائع التي ظهرت في يومين سابقين من التعاملات تقول إن سوق المال السعودية لم تغتنم فرصة تحسن أسعار النفط بالصورة التي لاحت، ولم تتعاطَ على نحو أمثل لاغتنام هذا التحسن السعري أو "الانتعاش السعري" إن صح التعبير، وذلك بمقدار مماثل حينما كانت فيه متأثرة بصورة حادة من الهبوط في أشهر مضت.

القانون العظيم للحركة لنيوتن المتمثل في أن لكل قوة فعل قوة رد فعل مساوية له في المقدار، ومعاكسة له في الاتجاه، لم يتضح أثره، وهو القانون الملازم أيضاً لكافة التفاصيل الاقتصادية ومؤثراتها، بل ولم يتضح وجوده أيضاً،لأن قوة تحسن أسعار النفط في أيام مضت؛كان لزاماً أن يتبعها قوة رد فعل من المستثمرين في السوق تتمثل في ارتفاع عمليات الشراء،يتبعه تحسن لمستويات الأسعار،وذلك تفاؤلاً بما هو قادم من انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني ونموه،وأيضاً من ارتفاع للإيرادات التي يستدعي معها توقف استنزاف الاحتياطيات والتراجع عن الاقتراض.

لكن ما حصل هو العكس، ولعل ذلك يُبرِز أن السلوكيات التي تطغى على تعاملات الأفراد كانت مسيطرة أيضاً على الأداء العام للسوق، وذلك حينما استسلمت للتحذيرات من السوق، وانصرفت إلى الاستسلام للمخاوف التي تُصطَنَع من المحذرين والمرجفين.

فالصورة المأمولة من أي ارتفاع لأسعار النفط حينما تجاوز فيه خام برنت حاجز الـ 50دولاراً،هي انعكاسها إيجاباً بصورة مباشرة على أسواق المال، وهذا ما حدث لبعض الأسواق المجاورة، لكن مثل تلك الصورة المأمولة لم تتشكل في السوق المحلية بسبب الإفراط في شحن المستثمرين بالمخاوف عبر مواقع الإنترنت المختلفة بما فيها وسائل الإعلام الاجتماعي ، وهي بكل جزم وتأكيد مخاوف ينساق كثير من الأفراد إليها ويتفاعلون معها،لأن غالبية المتعاملين الأفراد ممن يتعاملون في السوق المالية بتعاملات يوميه شراءً وبيعاً تكون تصرفاتهم هي الطاغية على التداولات،؛حيث تمثل تعاملاتهم اليومية نسبة 91بالمئة من عمليات البيع و83بالمئة من عمليات الشراء للحجم اليومي.

يمكن أن أحيل ما حصل من استسلام للمخاوف،إلى سوء تأسيس الأفراد ومعه ضعف الثقافة الاستثمارية، وتدني مستوى الوعي،فلذلك الأثر الفاعل، والجانب المهم في الخروج بهذا الأداء الضعيف.

© صحيفة الرياض 2016