03 July 2015
انخفاض الأسعار فرصة الشركات الوطنية الخليجية للتغيير

يقول المستشار التنفيذي، ديفيد برانسون من«ستراتيجي أند» وهو فريق استشارات استراتيجية دولي تابع لشركة الخدمات المالية الدولية «برايس ووترهاوس كوبرز» إن على شركات النفط الوطنية في الخليج أن تنتهز فرصة انخفاض أسعار النفط لتبدأ التغيير.ويرى برنسون انه على الرغم من أن لدى شركات النفط الوطنية في منطقة الخليج، أقل تكاليف انتاج في العالم، فإنها تتعامل مع حقول ومصادر نفط بدأ انتاج النفط فيها في النقصان وأصبح استخراجه أكثر صعوبة.

ومجموعة العمليات التي أصبحت معقدة ومكلفة بشكل متزايد مع الهبوط الأخير في الأسعار، هذا كله يعني أن على شركات النفط الوطنية الخليجية أن تتماشى مع استراتيجيات الانتاج في الوقت الذي تركز فيه أكثر على التكاليف ومقدار الفائدة. وذلك سيتطلب تبني عمليات وأساليب عمل جديدة، وتطوير سلوكيات تجارية أكثر.في هذا السياق، فإن أسعار نفط متدنية تخلق فرصة نادرة لشركات النفط الوطنية الخليجية لتحسين قاعدة تكاليفها، وتطوير ملف خبراتها وانجازاتها، وملفاتها العملياتية، وكذا تحسين القدرة على صنع القرار.

وعلى سبيل المثال، فقد تحتاج شركات النفط الوطنية هذه الى مراجعة إجراءاتها الداخلية المهمة، مثل كيفية تقييمها للمظاهر الفنية والتجارية للمشاريع الجديدة، لضمان عدم تعرضها لخطر التغيرالمتواصل للأسعار. ودعم مثل هذه الإجراءات سيتطلب أن يعمل أصحاب التخصصات الفنية والتجارية بطريقة أكثر تعاونا وتكاملا، مما كانوا عليه عادة في السابق.

كما ستحتاج هذه الشركات الوطنية لتسجيل نفقاتها داخليا ومقارنتها بنفقات منافسيها، وتجعل نفقاتها أكثر شفافية بكثير، بعمل تحليلات دقيقة لعملياتها. وإدارة النفقات أمر يحتاج الى دقة، والشركات النفطية الوطنية الخليجية لديها دور فريد في ضمان قدرة إنتاجية طويلة المدى لبلدانها وأسواقها العالمية.

وبتحويل اهتمامها للنفقات، فعليها أن تضمن أنها لا تُعَرّض صلابة أو سلامة أصولها وإمكاناتها للخطر، وذلك بهدف استيفاء حاجات المستقبل.ومع الأخذ في الاعتبارالضغوط الحالية للسوق- وحقيقة أن معظم الشركات النفطية الوطنية حافظت على برامج تطويرها واستثماراتها، والى حد كبير، دون مساس - فإن لديها فرصة لاتخاذ خطوات ربما كان اتخاذها صعبا في الماضي.فعلى سبيل المثال، فإن تكاليف الخدمات الأساسية لحقول النفط ونشاطات التطوير تزايدت بشكل مضطرد في السنوات الأخيرة.

والآن، وبينما تشهد المناطق الأخرى تباطؤا ملحوظا في التطوير، فإن العديد من شركات النفط العالمية تعيد التفاوض في مجال عقود خدماتها. وعلى شركات النفط الخليجية عمل الشيء نفسه.والواقع أنه، ومع خطط استثمارها المستقرة وطويلة الأجل- والضعف الذي يشهده مقدمو الخدمة في أجزاء أخرى من أعمالهم - فيمكن لشركات النفط الوطنية عقد صفقات من موقع قوة، فتطالب بأعلى مستوى خدمات وبأفضل سعر من مقدمي هذه الخدمات.

والبدائل الأخرى لتحسين الخدمة، و/‏أو تقليل النفقات تتضمن تحالفات استراتيجية وعروض خدمة متكاملة.إضافة الى ذلك، فإن بيئة الأسعار المتدنية توفر للشركات الوطنية وبشكل منهجي، الفرصة لمعالجة النقص في المواهب المطلوبة في العمل.وحقول النفط التي بدأ يقل انتاج النفط فيها ويصعب استخراجه، إضافة الى العمليات الميدانية المعقدة، تعني أنه على الشركات الوطنية أن تضمن الوصول الى الخبرات الفنية المناسبة. فضعف السوق العالمي في النفط والغاز يعني أن الوقت مناسب لزيادة نشاطات توظيف القدرات الفنية المطلوبة.

أما بالنسبة للنفقات، فربما تساعد التحالفات الاستراتيجية مع مقدمي الخدمات وشركات النفط الوطنية في سد الفجوة في مجال القدرات الأساسية.والأكثر من ذلك، فإن هناك فرصة ضئيلة بالنسبة للشركات الوطنية النشطة عالميا، للحصول على الخبرات عبر عمليات الدمج والاستحواذ. ويمكن لهذه الشركات الوطنية دعم عملياتها المحلية بالتعرف على واستهداف الشركات التي تمتلك الخبرات الفنية والتكنولوجية المطلوبة.

ويجب على أسعار النفط المنخفضة أن تدفع شركات النفط الوطنية الى أخذ ملف النشاطات في الاعتبار أيضا. فالشركات النفطية الخليجية لاتزال تُخصِص أكثر من 70 في المئة من استثمار التنقيب للموارد النفطية. وبينما تخفف الأسعار المنخفضة الضغط الفوري لتطوير قدرة نفطية جديدة، فإن بإمكان الشركات النفطية الوطنية إعادة موازنة ملف استثماراتها النشطة باتجاه الغاز. فالمزيد من التركيز على الغاز، خصوصاً الغاز الذي لا يرتبط بانتاج النفط، سوف يساعد في تنويع روافد الدخل ويسد الفجوة المتزايدة بين الطلب على الغاز وحجم الغازالواجب توفيره في المنطقة.

أخيرا، فيمكن لهذه الشركات الوطنية أن تستفيد من السوق الحالية وذلك بدعم عملية اتخاذ القرارات لديها، فأسعار النفط يُحَركُهَا كمّ معقدٌ ومتزايد من المتغيرات التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في حجم العرض والطلب، بمعنى أن أسعار النفط ستظل الى حد كبير غير مستقرة في المستقبل المنظور.والتطورات الأخيرة في سوق النفط توفر تذكيرا وحافزا مناسبين على أن بإمكان شركات النفط الوطنية الخليجية عمل المزيد لتحقيق أعلى قدر في قيمة مواردها.

© Al- Rai 2015