03 07 2015

يعتمد مستقبل قطاع الطاقة على الاشتراطات التي تستعد إيران لطرحها على شركات النفط العالمية.

قد تجد إيران الطريق صعبًا أمام استقطاب شركات النفط العالمية للزج باستثماراتها لتحقيق انتعاشة صناعة الطاقة بها، حتى وإن كان بمقدور إيران تأمين صفقة حول برنامجها النووي.

وقد نجحت إيران في التوصل لاتفاق مع الدول الست الكُبرى على تمديد المباحثات لمدة أسبوع آخر بعد أن كان الثلاثين من يونيو موعدًا نهائيًا للوصول إلى اتفاق حول تجميد أنشطتها النووية الحساسة في مقابل رفع العقوبات التي كبّلت اقتصادها.

الجدير بالذكر أنه رغم كون احتلال إيران المرتبة الرابعة عالميًا كصاحبة أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام والثانية عالميًا في احتياطيات الغاز الطبيعي، إلا أن شركات النفط ستمر بأوقات عصيبة في إقناع أصحاب أسهم هذه الشركات للموافقة على الدخول إلى السوق الإيراني، لا سيما مع غياب إجراءات تعاقدية جذابة في أنشطة النفط.

وعلى حد تعبير السيد بول ستيفنس، أستاذ لدى برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في دائرة الطاقة والبيئة والموارد، فإن مستقبل قطاع النفط والغاز لا يعتمد فقط على ما إذا كان سيتم رفع العقوبات على إيران، بل على الاشتراطات التي تستعد إيران لطرحها على شركات النفط العالمية.

وبحسب ما ذكره ستيفنس في تقرير حديث، فإن "إيران في أمس الحاجة للتكنولوجيا ورأس المال؛ وهما ما قد توفره شركات النفط العالمية لقطاع النفط والغاز الإيراني. وعلى كلٍ، ففي حين يُثير الجانب الإيراني الكثير من الصخب حول مدى الاهتمام الذي يحوزه قطاع الغاز والنفط الإيراني، فقد لا يكون هذا القطاع محل اهتمام شركات النفط العالمية إلا إذا كانت الاشتراطات مميزة.

مُضيفًا أن تيار انخفاض أسعار النفط قد يُقلل من مدى جاذبية هذا القطاع أمام المستثمرين حتى مع رفع العقوبات المفروضة عليها.

وقد كانت هناك مخاوف تعتري أسواق النفط بأن الصفقة الإيرانية قد تنتج نحو 40 مليون برميل من النفط الخام الإيراني عبر ناقلات النفط البحرية. ويعتبر هذا التخوف حلقة في سلسلة تضم العديد من العوامل التي كانت سببًا وراء تراجع أسعار النفط ليهبط سعر البرميل لنحو 60 دولار خلال الشهور القليلة الماضية.

ومع ذلك، فمن المستبعد أن تُسارع طهران بضخ مخزونها النفطي إلى الأسواق، الأمر الذي من شأنه تحقيق مزيد من انخفاض الأسعار؛ سيما وأن مستوى نقطة التعادل بالنسبة لأسعار النفط الإيراني يبلغ نحو 123 دولار للبرميل.

وبحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة، فقد تخطت المعدلات الإنتاجية الإيرانية حاجز 3.68 مليون برميل يوميًا في 2010-2011 في حين أنها سجَّلت انخفاضًا لتصل معدلاتها الإنتاجية إلى نحو 2.63 مليون برميل يوميًا في العام الماضي. في الوقت نفسه، فقد تراجعت إيرادات الصادرات الإيرانية من الغاز والنفط بنحو 50% سنويًا لتهبط إلى 64.8 مليار دولار العام الماضي.

يُذكر أن الصين وحدها تستقبل أكثر من نصف الصادرات الإيرانية من المُكثّفات والنفط الخام خلال الأعوام الأخيرة. وقد اجتمع ممثلو الشركة الوطنية الإيرانية للنفط -شركة حكومية- مع مستوردي النفط الصينيين لبحث سُبل زيادة المبيعات في محاولة للحد من تأثير العقوبات المفروضة.


ومع توقع عودة إيران غزوها لسوق النفط العالمي، تسعى السعودية -الدولة المتصدّرة بين بلدان منظّمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)- لتعزيز علاقتها مع الصين في مجال الطاقة والزج باستثمارات لإنشاء المصافي النفطية في الصين للإبقاء على الإمدادات طويلة الأجل.

العروض المقترحة

بحسب وزارة الطاقة الأمريكية، "ففي الوقت الذي قد تساهم فيه مواقع الاستكشاف والتطوير الجديدة والتي تم الإعلان عنها مؤخرًا على مدار العديد من الأعوام الماضية في زيادة إيران لسعتها الإنتاجية، إلا أن العقوبات المفروضة قد أثرت سلبًا على صناعة النفط بها.

مُضيفةً: "قامت كافة الشركات الغربية بالفعل بتجميد أنشطتها في إيران، في الوقت الذي لا تزال بعض الشركات الصينية والروسية تتابع أنشطتها... وعلى كلٍ، فرُغم متابعة تطوير عدد من المشاريع القليلة، لا تزال وتيرة التطوير أقل كثيرًا مما كان مُخططًا لها."

وقد تقدمت إيران بمجموعة مقترحات طُرحت على شركات النفط الرئيسية من قبل وتحديدًا عام 2003 عندما طرحت 16 عرض لاستكشاف حقول نفطية، إلا أنها لم تكن مُميزة جُغرافيًا وجيولوجيًا. وكانت الاشتراطات التجارية غير مواتية لشركات النفط والغاز الرئيسية كذلك.

وعلى حد قول السيد ستيفنس، أستاذ بمعهد كاثام، "سوف تتطلب عملية جذب استثمارات شركات النفط العالمية تحقيق توازن بين عامليّ المخاطر والمكاسب بصورة أفضل من تلك الحالة التي كانت عليها في الماضي. ومع استبعاد قضية إيران النووية، يتم تعزيز هذه الخلاصة نظرًا لإحجام شركات النفط العالمية عن الاستثمار في إيران بدافع حالة الضبابية التي تعتري الوضع السياسي المحلي."

وفي محاولة منها لتحسين الاشتراطات المطروحة أمام الشركات، أعلنت السلطات الإيرانية مؤخرًا عن نموذج "عقود البترول الجديدة" (أو المتكاملة)، بالرغم من أنها لا تزال مسودة خاضعة للتغيير ولم يتم اعتمادها نهائيًا.

وبحسب ما ذكرته وزارة الطاقة الأمريكية، فإن "الغرض من النموذج الجديد هو استقطاب الاستثمارات الأجنبية من خلال نموذج تعاقدي باشتراطات مشابهة لاتفاقيات تقاسم الإنتاج (PSA).

وأحد الانتقادات الرئيسية الموجهة لعقود إعادة الشراء تتمثل في قلة مرونة استرداد التكاليف إلى جانب الخبرة المحدودة للشركة الوطنية الإيرانية للنفط في بعض الأحيان في عكس تيار انخفاض الأسعار في ضوء سياسات شركات النفط العالمية التي طوَّرت هذا النموذج."

بالإضافة إلى ذلك، فإن موجة المعارضة المحلية لاتفاقات المشاريع المشتركة مع شركات النفط الرئيسية قد تكون سببًا في تباطؤ طهران في إغرائها لشركات النفط.

في السياق نفسه، فقد اقترحت إيران أن نموذج العقود الجديدة قد يساعد أوروبا في ثنيها عن الاعتماد على الغاز الروسي من خلال تصدير الغاز الطبيعي المُسال وخطوط الأنابيب، في حين أنه في واقع الأمر قد يتطلب الأمر الزج باستثمارات تقدر بالمليارات لأي مشروع حتى يرى النور.

وتعتبر معدلات استهلاك إيران لمواردها من النفط والغاز آخذة في الزيادة، الأمر الذي قد يسبب تفاوتًا في قيم صادراتها. وبالمثل، فقد تساهم بعض العوامل متمثلةً في حاجة إيران لغازها المحلي لإعادة ضخه في حقول النفط، وكذلك صفقات التصدير المخططة مع كل من عمان والعراق وباكستان في خفض كميات النفط المتاحة للتصدير إلى أسواق أوروبا.

وتابع السيد ستيفنس، أستاذ بمعهد كاثام، "في هذا السياق، قد ترى الدول الغربية هذه العروض على أنها مجرد منظور لعقد من الزمان."

©موقع alifarabia.com حصريًا لموقع Zawya.com.


© Zawya 2015