30 11 2015

يبدو ان عصابات داعش الارهابية تخترع احكاما خاصة بها لكل مناسبة وحين, بما يتناسب مع امزجة واهواء عناصرها, فتارة زواج النكاح الذي حللوا لانفسهم فيه اغتصاب ما احبوا فيه من النساء تحت غطاء الدين, وتارة تشويه خلق الله ممن يعارضونهم على ابسط الافعال بغطاء ديني ايضا.

التدخين والجلد

وفي الوقت الذي يتعرض فيه شاب الى 70 جلدة لتدخينه سيجارة واحدة لانه عمل منكر وفقا للشريعة الاسلامية التي يتبعون, فان عناصر داعش يتم اعفاؤهم من اداء الصلاة بحجة انهم «في حالة حرب وقد اذن الخليفة لهم بتعليق الصلاة».

ام لطيف, امرأة خمسينية من نساء الموصل, تعاني من امراض في القلب تستدعي عملية جراحية, الامر الذي دعا اطباءها الى نصحها بالعلاج في بغداد, ولأن الخــــــــــــــــــــــروج من الموصل امر منعته عصابات داعش الارهابية لاتخاذها من الاهالي دروعا بشرية, اضطرت المرأة للذهاب الى مايسمى بوالــي المدينة, لتطلب منه الاذن بالمغادرة, لاسيما وانها تحمل معها تقريرا طبيا عسى ان يقبل بالامر.

تقول ام لطيف, (وهو اسم مستعار, نعتذر عن نشر الاسم حفاظا على سلامة المصدر), «اعاني من انسداد في الشرايين, الامر الذي تطلب بحسب طبيبي المختص الى اجراء عملية قسطرة فورية, ولأن عناصر داعش الارهابية يرفضون مغادرة الاهالي من الموصل, زودني الطبيب بتقرير عن حالتي الصحية, ونصحني بعض الاهالي بالذهاب الى المسؤول الداعشي في المنطقة, لطلب الاذن بالمغادرة لاجراء العملية».

اتاوات العلاج

وتضيف «بعد الكثير من الجدل وافق الداعشي على مغادرتي المدينة, واعطاني ورقة كتب عليها (تعطى الاذن بالمغادرة الى بغداد للعلاج مقابل دفع مليون دينار لبيت مال المسلمين كتأمين, على ان يتم التحفظ على بيتها وممتلكاته لحين عودتها)».تتابع ام لطيف قصتها فتقول «تزامن وقت زيارتي له مع توقيت رفع اذان الظهر في المدينة, لذا وبعد ان منحني الموافقة, امرني بالذهاب الى الصلاة, ولأني ممتعضة مما جاء في الورقة, ولأني اردت احراجه لمعرفتي بانهم ابعد ما يكون عن الدين والاسلام, قلت له (هيا للصلاة.. فلتؤم بنا انت بالصلاة .. علها تكون صلاتي الاخيرة فلا اعرف ان كنت سأحيا بعد العملية ام لا).وتسترسل المرأة بالحديث قائلة «كنت اتوقع ان يعتذر عن اداء الامر بحجة اني امرأة وكنت قد حضرت الرد على ذلك للنيل منه, لكن رده علي كان صاعقة بالنسبة لي, فقد قال (ان الامير اوقع عنهم الصلاة لأنهم في حال حرب مع اعداء الله)».

النفاق الداعشي

تضحك هنا ام لطيف بسخرية تغلفها الحسرة على ما آل اليه مصير الدين والناس, وتجيب الداعشي قائلة «انا امرأة لا اقرأ ولا اكتب .. احفظ من آيات الله عز وجل ما يعينني فقط على قضاء صلواتي وهن السور القصار .. لم اقرأ السيرة النبوية ولا قصص الفتوحات الاسلامية .. لكني كنت اسمعها من التلفاز والمذياع وأبي وجدي .. الم يكن الرسول في الحروب يقسم جيشه الى عدة اقسام ليقوم قسم بأداء الصلاة بينما يحرسهم القسم الاخر؟».

فيجيبها الداعشي «نعم فعلا .. لكن ذاك كان زمنا، الحرب فيه تقام بالسيوف .. اما الآن وقد اختلفت ادوات الحرب واسلحتها .. فنحن نتربص الهجوم برا وجوا .. لذا لا يمكن لنا الغفلة في اداء الصلاة وترك القتال», ثم يستدرك «هل ستستمرين بجدالي ام اسحب منك ورقة المغادرة؟ هيا اذهبي واقيمي الصلاة واشكري كرمنا في منحكم الاذن».

وتستهجن المرأة الخمسينية الامر قائلة «ان عناصر داعش يعاقبون كل من يتخلف عن الصلاة, وكل من يفتح تجارته او دكانه خلال اوقات الصلاة, وتقيم الحد على الناس بابسط الامور التي لم ينزل الله بها من سلطان, كالتدخين, او لعب الكرة, او قص الشعر واللحية, او اللباس الذي لا يناسبهم, في وقت يوقعون فيه عن عناصرهم عمود الدين وهي الصلاة ويقلصون ايام شهر رمضان من 30 يوماً الى 13 يوما».

وتختتم ام لطيف حديثها فتقول «جئت الى بغداد واجريت العملية .. لا اريد العودة الى هناك. غير اني اعرف ان عيالي هم من سيتحملون وزر عدم عودتي .. لذا مضطرة انا للذهاب.. اطلب من الحكومة ومن الحشد الشعبي ومن ابناء العراق الغيارى ان يستعجلوا بتحريرنا من قبضة هؤلاء الفجرة».

© Al Sabaah 2015