من أليكس لولر ورانيا الجمل

لندن/دبي 25 نوفمبر تشرين الثاني (رويترز) - تعقد أوبك العزم على الاستمرار في ضخ النفط بقوة رغم الضغوط المالية الناتجة عن ذلك حتى على السعودية مهندسة سياسة الدفاع عن الحصة السوقية الأمر الذي يثير مخاوف الأعضاء الأصغر الذين يراودهم القلق من تراجع الأسعار أكثر صوب 20 دولارا للبرميل.

وأي تغير في السياسة وارد فقط إذا ما انضم المنتجون الكبار من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول وبخاصة روسيا إلى الخفض المنسق للإنتاج. وبينما قد تتشاور موسكو مع وزراء النفط في أوبك قبل اجتماعهم نصف السنوي الذي يعقد الأسبوع المقبل فإن فرص مساهمتها في وقف هبوط الأسعار مازالت ضعيفة.

يقول مندوب لمنتج رئيسي في أوبك "ما لم تفصح الدول غير الأعضاء في أوبك عن رغبتها في تقديم يد العون أعتقد أنه لن يحدث أي تغيير... أوبك لن تخفض الإنتاج وحدها."

وخلال اجتماع أوبك الأخير في فيينا في يونيو حزيران أخفى وزير البترول السعودي علي النعيمي ووزراء النفط في دول خليجية أخرى ابتهاجهم بشق الأنفس.

وقالت أوبك إن قرارها التاريخي في نوفمبر تشرين الثاني 2014 بضخ المزيد من النفط والدفاع عن حصتها السوقية أمام الموردين المنافسين أتى ثماره حينما كان سعر النفط نحو 65 دولارا للبرميل. لكن بعدها بستة أشهر سجل الخام 45 دولارا منخفضا من نحو 115 دولارا في منتصف العام السابق.

والآن يتحدث بعض الأعضاء عن العودة لسعر 20 دولارا للبرميل الذي لم يحدث منذ مطلع الألفية. وأشاروا إلى ثقة إيران في رفع العقوبات الدولية على اقتصادها بنهاية العام.

وقال وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو يوم الأحد "إيران تعلن أن انتاجها سيزيد فور رفع العقوبات ونحن بحاجة إلى أن نفعل شيئا. لا يمكن أن نسمح (في أوبك) باشتعال حرب أسعار. نحتاج لتحقيق الاستقرار في السوق."

وردا على سؤال عن إلى أي مدى يمكن أن تنخفض الأسعار العام المقبل إذا ما لم تغير أوبك مسارها قال "منتصف العشرينات".

وقال بنك جولدمان ساكس هذا العام إنه يتوقع احتمال انخفاض النفط إلى ما دون 20 دولارا بسبب التخمة الهائلة للمعروض العالمي وقوة الدولار إلى جانب تباطؤ اقتصاد الصين.

ويشكك غالبية المحللين في رفع العقوبات عن ايران قبل الربيع المقبل بموجب الاتفاق النووي مع القوى العالمية لكنها سترفع إنتاجها من النفط إن عاجلا أو آجلا.

ضغوط على السعودية

حقق انهيار الأسعار بالفعل أهداف أوبك إلى حد ما. فقد عزز الطلب العالمي وكبح نمو إمدادات النفط الصخري الأمريكي المكلف نسبيا في إنتاجه. ومن المتوقع أيضا انخفاض الإمدادات من خارج أوبك للمرة الأولى في نحو عشر سنوات العام المقبل إذ يخفض المنتجون المحاطون بالمشكلات الإنفاق الرأسمالي.

لكن العالم مازال ينتج أكثر مما يحتاج من النفط. فقد سجل الإنتاج الروسي مستويات مرتفعة قياسية جديدة غير متوقعة في الوقت الذي تتضخم فيه المخزونات العالمية.

وحتى السعودية التي قادت التغيير في سياسة أوبك تعاني من مزيد من الضغوط المالية. وتوقعت ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني أن يبلغ العجز في ميزانية المملكة 16 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في 2015 من 1.5 بالمئة في 2014.

مع ذلك تقول المملكة إن العجز في ميزانية العام الحالي تحت السيطرة.

وقال بنك أمريكا ميريل لينش يوم الاثنين إنه يعتقد أن الضغوط مرتفعة بشكل سيدفع حكومة السعودية إما إلى خفض قيمة عملتها المرتبطة بالدولار أو خفض انتاج النفط.

وسيكون هذا الخفض تحولا كاملا في السياسة سيفسره كثير من المنافسين على أنه فشل استراتيجي. ومازال استمرار ضخ النفط بنفس المستويات على أمل أن يوتي ذلك ثماره في الأجل الطويل خيار الرياض فيما يبدو وحلفائها الخليجيين الأثرياء قطر والإمارات العربية المتحدة والكويت.

انتقادات متنامية

قد تحضر روسيا مشاورات غير رسمية مع أوبك قبل اجتماع فيينا في الرابع من ديسمبر كانون الأول لكن المصادر تستبعد أن تغير موسكو موقفها وتتعاون مع أوبك في خفض الانتاج.

وأبقت أوبك على سياستها دون تغيير في اجتماع يونيو حزيران دون أي معارضة من أعضائها فيما يبدو. لكن هذه المرة تبدو المعارضة من صقور المنظمة وأعضائها الأفقر مثل فنزويلا أكثر وضوحا بينمات تتزايد حدة الانتقادات.

وقال مندوب ثان في أوبك طلب عدم نشر اسمه "لا أظن أن أي شيء سيحدث لأن السعوديين لا يريدون خفض الانتاج. إنهم يتصرفون ضد مصالحهم وضد مصالح الجميع."

ومما يدل على تزايد الانقسامات عجز أوبك عن الاتفاق في نوفمبر تشرين الثاني على تحديث لاستراتيجيتها طويلة الأجل. واقترحت إيران والجزائر في تعليقات على مسودة وثيقة لأوبك أطلعت عليها رويترز أن تستأنف المنظمة الدفاع عن الأسعار والسيطرة على الامدادات من خلال تحديد حصص للأعضاء.

لكن حتى بعض دول أوبك التي تساند مثل هذه الخطوات لا ترى فرصة تذكر في الموافقة عليها. وقال مندوب ثالث في أوبك "أعتقد أن أوبك لن تتوصل لاتفاق للسيطرة على معدلات الانتاج وأن السعوديين سيتمسكون باستراتيجيتهم... لن يتم التوصل إلى حصص للإنتاج."

وتخلت أوبك عن نظام الحصص حينما حددت مستوى الإنتاج المستهدف عند 30 مليون برميل يوميا في 2012. وتجاوز الانتاج هذا المستوى طيلة العام في ظل الزيادة القياسية في إنتاج السعودية والعراق. ووفقا لبيانات أوبك بلغ الإنتاج 31.38 مليون برميل يوميا الشهر الماضي.

يقول مندوبون إن الوزراء قد يبحثون زيادة سقف الإنتاج إلى 31 مليون برميل يوميا لاستيعاب إندونيسيا التي تضخ نحو 900 ألف برميل يوميا وتسعى للعودة إلى أوبك من جديد بعد خروجها من المنظمة لمدة سبع سنوات.

ومن المجهولات الكبيرة في 2016 حجم النفط الإضافي الذي قد تنتجه إيران بسرعة. ويتوقع مندوبون خليجيون في أوبك ما بين 100 ألف إلى 200 ألف برميل يوميا بينما تقول طهران إنها قد تضخ 500 ألف برميل يوميا أخرى في غضون شهور قليلة من رفع العقوبات.

يقول ديفيد فيف رئيس البحوث في جانفور لتجارة السلع "في الوقت الحالي لا أري أي مؤشر على أن السعوديين سيسعون لتعديل استراتيجيتهم القائمة على حماية حصة السوق... ستخضع مرونة الاستراتيجية للاختبار خلال الاثني عشر إلى ثمانية عشر شهرا المقبلة في وجه أي زيادات في الإنتاج من إيران أو العراق أو ليبيا."

(إعداد سها جادو للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)