30 08 2015

أزمة النفط الحالية مختلفة عن أزمتي ثمانينات وتسعينات القرن الماضي

حلل تقرير «الشال» الاقتصادي الاسبوعي سوق النفط، وقال: بعد ثبات اسعار النفط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى بداية ستينات القرن الفائت رغم الزيادة الهائلة في الطلب عليه مع بداية اعمار ما دمرته تلك الحرب، كانت هناك ازمة، واجهتها الدول المنتجة بتأسيس منظمة اوبك من خمس دول كانت الكويت الرائدة في ذلك الحين إحداها. بعدها تعرض سوق النفط لثلاث ازمات، الاولى في ثمانينات القرن الفائت والثانية في اواخر تسعينات القرن الفائت، ويعيش السوق الان ثالث الازمات، والتي بدأت في خريف عام 2014.

في الازمة الاولى فقدت ثلاث من خمس دول خليجية كل مدخراتها وتحولت الى العجز في اواخر ثمانينات القرن الفائت، وتدخل الاميركان لإنقاذها، وفي اواخر تسعينات القرن الفائت فشلت بعض دول الخليج حتى في مواجهة مصروفاتها الجارية، وتدخل الاميركان ايضا لإنقاذها، وتبادلت بعض الدعم في ما بينها. ذلك يعني انها فشلت، كلها دون استثناء، في مواجهة الازمتين، وتعرضت لضغوط كادت تعصف باستقرارها. وعندما راجت سوق النفط مع بدء الالفية الثانية، عادت جميعها لارتكاب الخطايا نفسها، وكانت الكويت الاسوأ في توسع سياستها المالية، كماً ونوعاً.

واضاف تقرير «الشال»: خلال حقبة رواج سوق النفط، اجمع كل المحللين والدارسين وحتى المجالس واللجان التي شكلتها الحكومة على حتمية وقوع الازمة الثالثة، والخلاف كان فقط على توقيتها، وتصرفت الحكومة عكس كل النصح الذي تلقته، وكان آخرها زيادة النفقات العامة بـ%10 في شهر يوليو 2014. هذه الازمة، او الازمة الثالثة، تختلف عما عداها، صحيح ان الاسعار الاسمية لن تهبط الى حافة الـ10 دولارات كما في الازمتين السابقتين، ولكن، مع زيادة النفقات العامة بخمسة اضعاف في فترة رواج سوق النفط، اصبحت الـ10 دولارات اميركية قديما تساوي الـ50 دولارا اميركيا حاليا من حيث تداعياتها السيئة على المالية العامة. وتختلف لان دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة، لن تتدخل لإنقاذ المنطقة لانه لم يعد يحتاج إليها كما كان في السابق، فالانتاج الاميركي حاليا يضاهي الانتاج السعودي.

وهي مختلفة لان توظيف الموارد التي اصبحت شحيحة اصابه انحراف خلال فترة الرواج ادى الى تقويض تنافسية اقتصاد البلد، بينما ازدادت الحاجة الى الموارد لتمويل غير المجدي مثل تحديات الامن في الداخل وخارج الحدود.

وهي مختلفة لان سوق النفط ضعيف في جانب الطلب نتيجة ضعف نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام، وضعف نمو الاقتصادات الناشئة التي كانت السبب في الماضي في تحفيز الطلب على النفط وعلى رأسها الصين.
 
ومختلف نتيجة الاغراق في جانب العرض بسبب خلافات منتجي النفط التقليدي، فالسعودية والعراق ولاحقا ايران مثلا، كلها تنتج او ترغب في الانتاج بأقصى طاقاتها بما قد يهوي بأسعار النفط الى ما دون الـ50 دولارا اميركيا بكثير.

الخلاصة هي ان سعر برميل النفط الكويتي الاسبوع الفائت كسر الى الادنى الرقم المتحفظ في موازنة السنة المالية الحالية والبالغ 45 دولارا اميركيا للبرميل، وهو مؤشر على وضع سوق النفط الضعيف على المدى المتوسط الى الطويل، وتشير كل المؤشرات الى ان الحكومة لا تعي خطورة هذا التحول، فهي ما زالت تتحدث عن تغيير زيادات محتملة في النفقات العامة، وما زالت تتحدث عن نسبة الاقتطاع من الايرادات العامة للاضافة الى الاحتياطي، وهو امر لا معنى له في علم المالية العامة بوجود العجز الضخم والمستمر، وهي ما زالت تتحدث عن بدائل تمويل العجز كما لو كان مؤقتا.

ان الوضع اخطر بكثير من ان تستمر الادارة العامة في فهمها واسلوب مواجهتها لازمة سوق النفط الحالية، لقد اخفقت كل تحذيرات زمن الرواج في اقناعها بتغيير نهجها، ولا يفترض في الوضع الحالي التسامح مع نهج قد يودي باستقرار وربما بمستقبل البلد.

© Al Qabas 2015