30 08 2015

قال التقرير الأسبوعي لشركة نفط الهلال أن المؤشرات الرئيسية التي أظهرتها أسواق الطاقة أثبتت أنها خارج سيطرة الدول المنتجة والدول المستهلكة على حد سواء، وأثبتت أيضا أن التذبذب وحالة عدم الاستقرار هي المسيطرة حتى اللحظة، في ظل حزمة من الضغوط التي تتأثر بها تلك الاسواق مع الاخذ بعين الاعتبار تراجع دور الدول المنتجة للنفط والكثير من الدول المستهلكة في السيطرة وقيادة الاسواق كون السيطرة هنا تتجاوز الانتاج والاستثمار والاستهلاك، لتصل الى المستوى السياسي والدبلوماسي وتوازن القوى والمصالح.

 ومما يجدر ذكره هنا أن المؤشرات الضاغطة مازالت تتجاوز المؤشرات الايجابية كما ونوعا، وأن الحلول المطروحة تتخذ من المدى الطويل أساسا لها في التحرك، وبالتالي فان الدول المنتجة للنفط تتجه الى مزيد من الضغوط الاقتصادية والمزيد من عجز الموازنات، ولم تفلح الدول المستهلكة في استثمار التراجع الحاصل على الفاتورة النفطية في توسيع وتطوير الانتاج والخروج من العجوزات التي عانت ولازالت من تبعاتها، فيما نجحت تلك الدول في رفع الدعم عن المشتقات النفطية في الوقت المناسب نظرا لانخفاض التأثيرات على التكاليف المعيشية عند المستوى الحالي من أسعار النفط.

 واللافت أن أسواق النفط وتوقعات القوى الفاعلة فيها بقيت على حالها على مستوى البيانات والتقارير منذ بداية التدهور، دون القدرة على التنبؤ ودون القدرة أيضا على اقتراح أو الاتجاه نحو البحث عن حلول عملية قابلة للتطبيق من قبل كافة الاطراف، يأتي ذلك في الوقت الذي اظهرت فيه مؤشرات الطلب نموها وأن القدرات الانتاجية على حالها وتتزايد على مستوى اوبك وخارجها وأن الاقتصاد العالمي ينمو عند مستويات أعلى من التراجع وادنى من الانتعاش، وهذا يعني أن الاقتصاد العالمي نجح في تجاوز الازمات وسينجح في تجاوز تبعاتها على المدى الطويل، وبالتالي فان الطلب على مشتقات الطاقة الى ارتفاع، وبحسب الوكالة الاميركية لمعلومات الطاقة فان الطلب العالمي على النفط سيرتفع من 92 مليون برميل يوميا خلال العام الحالي الى 93.3 مليون برميل يوميا في العام 2016، وبنسبة ارتفاع متوقع 1.4 في المئة، فيما يتوقع أن تحافظ منظمة أوبك على مكانتها وحصصها الحالية عند 40 في المئة في تلبية الطلب العالمي.

 ومع انحسار الحلول العملية لدعم استقرار أسواق الطاقة ودفعها باتجاه عكس مصالح المنتجين والمستهلكين في نفس الوقت، تبقى الضغوط والتحديات هي المسيطر، فالعديد من التقارير المتخصصة ترجح أن يتراوح متوسط أسعار النفط بين 49 و50 دولاراً للبرميل حتى نهاية العام الحالي، فيما سيكون الانتاج عند حدوده الطبيعية دون وجود مؤشرات تراجع حادة، وستواجه أسواق النفط المزيد من الضغوط والتحديات نظرا لتزايد الاحتياجات المالية للمنتجين بشكل كبير خلال العام الحالي وبقاء معدلات الانفاق الحكومي عند حدودها العليا، بالاضافة الى التغير الكبير المسجل على أولويات العديد من الدول المنتجة والذي يتطلب توفير تدفقات نقدية سريعة، وبات من الضروري على الدول المنتجة التحرك باتجاه اعادة تقييم أسواق الاستهلاك وعدم الاتجاه نحو ضخ المزيد من النفط، والارتهان لتوقعات ارتفاع الطلب من قبل الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمتها الصين، الامر الذي سيشكل بداية الاتجاه نحو التصحيح لأسواق النفط ومنح الدول المنتجة القدرة على استعادة دورها في ادارة سوق النفط بكفاءة.

© Annahar 2015