25 11 2015

بدأت شركة داو كيميكال بتنفيذ خطتها الرامية إلى التخارج من جميع أعمالها في الكويت، بعدما كانت قد أعلنت ذلك في 12 نوفمبر 2014، وأكدت ذلك شركة إيكويت للبتروكيماويات بتاريخ 22 أكتوبر الماضي عبر اتفاقها المبدئي لشراء حصة داو كيميكال في شركة ME Global البالغة %50 بقيمة 3.2 مليارات دولار أميركي، وتبلغ حصة «داو» منها 1.5 مليار دولار، حيث من المتوقع إقفال الصفقة في نهاية العام الحالي وفقاً للمرحلة الأولى من الخطة، وتتبعها المرحلة الثانية، وهي تقليل حصصها والتخارج الكامل من شركة إيكويت نفسها وبقية المشاركات بحلول منتصف عام 2016.

توضيحاً للقارئ، نود أن نبين العلاقة بين تلك الشركات والارتباط في ما بينها، وأسباب تخارج داو كيميكال بعد إلغاء صفقة K-DOW في نهاية عام 2008، وما ترتب على ذلك من دفع غرامة مالية غير مسبوقة في تاريخ التحكيم بلغت 2.2 مليار دولار أميركي، تبعها إصدار خطاب تطمين في مايو 2013 من مؤسسة البترول مثير للاستغراب، وهو عدم التعرض لمصالح الشريك الاستراتيجي في المنطقة وهو شركة داو!

في منتصف عام 2004، دخلت شركة صناعة الكيماويات البترولية PIC مع داو كيميكال وهي إحدى الشركات العالمية الكبرى في شراكة بأربعة مصانع، اثنين في إيطاليا يعملان منذ عام 1978، واثنين في ألمانيا، هذه المصانع مملوكة بالأصل لشركة EniChem وسميت الشركة الجديدة Equipolymers، ودفعت PIC مبلغ 210 ملايين دولار تمثل %50 من الملكية، وكانت دراسة الجدوى تشير إلى عوائد لا تقل عن %16، ولكن الشركة لم تحقق أرباحاً وتوالت الخسائر عاماً بعد آخر، مما دفعها إلى الاقتراض. وبعد أربع سنوات من الخسائر، فقدت الشركة كامل رأسمالها المستثمر وخسائر إضافية بلغت 82 مليون دولار تقريباً، وبيع المصنعان اللذان في إيطاليا بــ100 ألف يورو! وفي عام 2011 تقرر دمج المصنعين الواقعين في ألمانيا مع ME Global! وللأسف لم تجر المؤسسة أي تحقيق ولم يتفاعل مجلس الأمة مع هذه القضية، رغم أن ديوان المحاسبة أشار إليها أكثر من مرة.
 
ولو كان هناك تحرك جدي لبحث تلك الخسائر وتحديد المسؤص ولية في حينها، لكانت تلك الخطوة كافية لمنع وقوع أخطاء في صفقة داو كيميكال، أو حتى الدخول فيها شركة ME Global تأسست ايضا في منتصف عام 2004 بكلفة تقارب 690 مليون دولار دفعتها PIC نظير حصة %50 من الشراكة مع DOW في ثلاثة مصانع موجودة في البرتا - كندا، وهذه المصانع كانت تعمل منذ اكثر من 20 سنة، ومملوكة بالاصل لشركة يونيون كاربيد.

في بداية عمل ME Global لم تحقق أرباحا، وتم تخفيض رأس المال اكثر من مرة، وبعدها بدأت بتحقيق الارباح بشكل مستمر. في صفقة كي داو تقرر ضم Equipolymers وME Global ضمن الصفقة! وذكر المكتب الاستشاري ان دراسة الجدوى ستحقق عوائد تصل الى %11، فهل هو المكتب الاستشاري نفسه الذي اعد سابقا دراسة الجدوى لتقييم صفقة Equipolymers؟!

شركة ايكويت التي تنوي شراء ME Global انشئت في عام 1994 مناصفة بين PIC وشركة Union Carbide التي تحولت ملكيتها الى داو كيميكال، وتم تعديل ملكية ايكويت لتصبح النسبة %42.5 لكلا الشركتين، ولشركة بوبيان %9، وشركة القرين %6. بعد هذا التوضيح الموجز نود ان نطرح بعض الملاحظات والتساؤلات:

1 - لماذا تم التعاقد مع المكتب الاستشاري مرة اخرى رغم التجربة السابقة الفاشلة في حالة Equipolymers، وكيف تحول المشروع من ناجح الى فاشل؟

2 - من الجهة التي رشحت هذا المكتب لتقييم صفقة داو كيميكال؟

3 - هل هناك دراسات قدمها هذا المكتب لمؤسسة البترول الكويتية ولشركاتها التابعة مؤخرا؟

4 - بعد تخارج شركة داو من عملياتها في الكويت، هل المؤسسة تعتبر داو شريكا استراتيجيا؟

5 - ما الفرق بين القيمة السوقية الحالية والقيمة العادلة لمصانع MEGlobal وقيمة مصانع لمنافسين في الصناعة ذاتها؟ مع الاخذ بالاعتبار قيم الاهلاك والاستهلاك وتكاليف الصيانة.

6 - لماذا لم تسعَ مؤسسة البترول فور علمها عن نية داو كيميكال للتخارج لتحسين مركزها التفاوضي والاستفادة ايضا من الظروف الاقتصادية وهبوط اسعار المنتجات البتروكيماوية؟

7 - لماذا لم تطرح اسهم داو للاكتتاب العام كما صرح بذلك احد القياديين في النفط؟

8 - لماذا بدأت داو بالتخارج اولا من ME Global، ولم تبدأ عملية التخارج من ايكويت؟

أما الاسباب التي دعت شركة داو كيميكال للتخلص من عملياتها في الكويت، فتعود الى:

1 - انتهاء فترة السماح (10 - 15 سنة) للتمتع بمزايا الاعفاء الضريبي والرسوم الجمركية.

2 - تغير المعادلة التسعيرية وارتفاع كلفة الغاز الطبيعي (المادة الاساسية «اللقيم») بعد مرور فترة السماح.

3 - توافر الغاز الصخري بأسعار تنافسية في الولايات المتحدة الاميركية مما يقلل تكاليف التصنيع.

4 - الحاجة للسيولة النقدية من خلال بيع بعض الاصول والتحرر منها لاستثمارها في مشاريع جديدة.

© Al Qabas 2015