23 12 2015

يرى مراقبون ومتابعون لنشاط القطاع المصرفي حاليا ان تنشيط القطاعات الاقتصادية سواء الانتاجية منها او الخدمية لا يمكن له ان يأخذ مداه المطلوب الا من خلال تفعيل دور المصارف وتأمين السيولة المطلوبة لها لأجل ان تكون قادرة على تنفيذ برامجها الاقراضية والتمويلية وتعزيز فرص الاستثمار المختلفة للمواطنين افرادا وجماعات.

 ولذلك اعتبرت الاوساط المعنية حديث محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق في المؤتمر المصرفي الثالث مؤخرا وما تلاه من توجيهات خلال اجتماعه الخميس الماضي مع المدراء المفوضين للمصارف بخصوص الاستعلام الائتماني وامكانية ربط المصارف بالكيبل الضوئي بوصفه يعد الخدمة المتاحة من المعلومات وبيانات نظام تسجيل الائتمان وما يتعلق بالتسهيلات الائتمانية، اعتبرت هذه الاوساط توجيهات المحافظ بمثابة دعوة للعمل على تنمية ثقافة الادخار وتوعية المواطنين في الاتجاه الذي يعزز مساهماتهم في تعظيم موارد الدولة وترسيخ هذه الممارسة على نحو ينسجم مع متطلبات السياسات الاقتصادية والتنموية في البلد. 

كما ان ما كشفه العلاق خلال المؤتمر حول اكتناز 77 بالمائة من العملة العراقية المتداولة في السوق في الدور السكنية يعتبر دلالة على حجم المشكلة الذي تعانيها المصارف العراقية حاليا جراء عدم توافر المستوى المطلوب من الرغبة لدى المواطنين بأهمية فكرة الادخار وفائدته ومدى مساهمته في السيولة التي يحتاجها القطاع الاقتصادي وذراعه المالي المتمثل بالمصارف. وهذا ما جعل البنك المركزي يضع الخطط الكفيلة بجذب هذه الاموال اعتمادا على حسن تقديم المصارف خدماتها للزبائن خاصة وان السيد المحافظ قد وضع المدراء المفوضين للمصارف في صورة البيانات الائتمانية وحدود الائتمان المسموح او المصرح به نوع العملة وتاريخ الاستحقاق وانواع الضمانات المقدمة وكل ما يتعلق هنا بالبيانات الائتمانية.

 الاكاديمي والخبير المصرفي د. صادق الشمري اشار خلال اجتماع موسع لناشطين في القطاع المصرفي الى اهمية ما ورد على لسان محافظ البنك المركزي في المؤتمر المصرفي الثالث الذي انعقد مؤخرا، لافتا الى معرفة الجميع بان المصارف تلعب دورا رئيسا وحيويا وحاسما في جميع المجتمعات لكونها تستطيع تعبئة مدخرات الجمهور اي مقدرتها على جذب واستقطاب ودائع الجمهور وان تقوم بتنويع هذه الودائع سواء أكانت جارية او توفير او ثابتة، واضاف اذا كانت المصارف لديها هذه الإمكانية في جذب واستقطاب مدخرات المواطنين فيمكن القول بأن هناك ثقة لدى الجمهور او وعيا عاليا بالعملية المصرفية فتستطيع ان تعبئ وتجذب هذه الفوائض.

وبالمقابل تستطيع توظيف هذه الأموال او الودائع في مجالات لخدمة قطاعات اقتصادية مختلفة سواء أكانت قطاعات زراعية او صناعية او خدمية فإنها بالتأكيد ستقدم منفعة لتنمية وتطوير المجتمع اي ان بامكانها توفير الاموال والخدمات المصرفية لتأمين متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالاضافة الى دورها في توفير السيولة النقدية للأفراد والمؤسسات ونشاطات الاعمال باختلافها اذ يندر ما نجد مصرفا لا يتعامل بالاموال والاصول والسندات وعليه يمكن القول ان طبيعة المصرف تملي عليه وظيفة تجميع الودائع واستثمارها ومنح الائتمان وتقديم الخدمات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة. ويجد الشمري ان اكثر عناصر الثروة سيولة هي النقود باعتبارها وسيلة للتبادل ومخزنا للقيم واداة للوفاء اي مقدرتها العالية على التحول الى جميع انواع السلع والخدمات المطروحة للاستهلاك في المجتمع وعليه فإن المصرف اذا كانت الرافعة عالية فهي تشكل نجاحا لسياسة المصرف وعلى ادارة المصرف ان تراعي مصالح هؤلاء الزبائن لتوفير السيولة عندما يطلبوها متى رغبوا ومن اجل ذلك تلزم البنوك المركزية المصارف بان تحتفظ بنسبة معينة من اجمالي الودائع كنسبة احتياطي قانوني الى جانب كبير من الاحتياطات التي تحتفظ بها في حالة حدوث عجز معين. لذلك فإن المصارف عليها دائما ان تزرع الثقة لدى الجمهور من خلال المحافظة على اموالهم اولا وتقديم خدمات متميزة بجودة عالية بعوائد مجزية بحيث يمكن المحافظة على قيمة الاموال من التآكل على وفق القاعدة التي تقول دينار اليوم افضل من دينار الغد اي ان التقادم الزمني قد يأكل قيمتها اذا لم تكن هناك عوائد مجزية فحتى تتمكن المصارف من جذب ودائع اكثر عليها ان تقدم خدمات مثل الخدمة القريبة او مواقف للسيارات او جوائز معينة عند ايداع الزبون وفقا لسقف معين، وسحبات لجوائز وان تحدد بمدد معينة وكذلك منح فوائد ضمنية.

كما يجب دراسة البيئة الداخلية والخارجية، علما ان المصارف الحكومية قد استأثرت بودائع الدوائر الحكومية فيما حرمت المصارف الخاصة منها.

 واكد الشمري الحاجة الى خلق وعي مصرفي لدى الجميع بإن يقوموا بإيداع اموالهم في المصارف والتشجيع وتحفيز الجمهور على الإسراع بالتعامل مع المصارف، ودعا ايضا الى توفير متطلبات قيام المصارف بتقديم قروض بكلفة قليلة لشرائح محددة وخصوصا الموظفين كذلك الزام الدوائر الحكومية بإيداع نسبة من اموالها لدى المصارف الخاصة مع الحرص على ان تكون للمصارف شبكة فروع او مكاتب صغيرة او سيارة لنقل ودائع الجمهور وكذلك التركيز على الروافع المالية والتشغيلية للمصارف. واضاف ان البنك المركزي عليه مهمة تحفيز او تشجيع المصارف التي لديها ودائع تفوق رؤوس اموالها كما ان تأسيس شركة ضمان الودائع يعد خطوة مهمة الى جانب توافر ادارات مصرفية كفوءة وقادرة على مواكبة الظروف الصعبة التي يمر بها اقتصاد البلاد وقطاعاته المالية.

 الشمري، الذي يترأس جمعية المصارف الاسلامية، يعتبر ان الصيرفة الاسلامية باتت تشكل ضرورة تتطلبها الحاجة الى ابتكار منتجات تتلاءم والشريعة مع الاخذ بنظر الاعتبار حاجات المجتمعات التي أصبحت تتجه الى هذا النوع من الخدمات المصرفية، الامر الذي زاد من الاهتمام بادراج الشمول المالي كهدف ستراتيجي جديد للحكومات والجهات الاخرى ذات العلاقة. وقال ان الصيرفة الاسلامية دفعت نحو اعطاء دعم للشمول المالي عبر السماح للافراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، انسجاما مع مبدأ دمج المسؤولية الاجتماعية ومبادئ التنمية المستدامة في سياساتها التمويلية الامر الذي يتطلب تعزيز فرص السيولة المالية في القطاعات المصرفية ذات الصلة بالشمول المالي وتحسين سياسات الائتمان والتسليف والتمويل وعلى اوسع نطاق حيث ان الشمول المالي يقود نحو تمكين الافراد من العمل وتحويل الطاقات الكامنة الى منتجة فضلا عن تشجيع الادخار والاستقلال المالي والحد من الفقر وكذلك خلق بيئة مشجعة لحصول جميع افراد المجتمع على التمويل والخدمات المالية.
 

    © Annahar 2015